فهد الحوشاني
قبل أيام حدث إطلاق نار قتل على إثره المهاجمون وعددهم اثنان وضابط أمن، كان ذلك أمام مقر مسابقة لرسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في ولاية تكساس الامريكية، تنظم هذه المسابقة الغريبة والمثيرة منظمة (مبادرة الدفاع عن الحريات الأمريكية)، وكأنه لا يمكن تحقيق الحريات في
أمريكا إلا بالنيل من حريات ومعتقدات مواطنيها المسلمين الأمريكيين وفي بلدان العالم!! ورصدت جائزة مقدارها عشرة آلاف دولار لأفضل رسم.
ولكي يكون هناك بعض المقبلات ولصب النار على زيت المسابقة فإن المنظمة قد دعت السياسي الهولندي (خيرت فيلدرز) ليكون ضيفا ومتحدثا. طبعا متوقع ما سوف يقول هذا المتحدث عن الإسلام وعن نبي الإسلام!! هل يوجد استفزاز ؟ بالتأكيد هناك الكثير من الاستفزاز لمشاعر المسلمين في كثير مما يجري سواء في هذه المسابقة أو غيرها، لأنها مثل هذه الرسوم تمثل الحصان الذي يجر عربة الأعمال الانتقامية بعد ذلك، فبدون حصان لن تتحرك العربة.
و بالتأكيد هناك دوما أشخاص يردون بعنف غير مبرر وبأساليب لايقرها المسلمون رغم غضبهم من أي إساءة للدين الإسلامي أو للنبي محمد!
وطبعا المنظمة والمنظمون والمشاركون والمهتمون بالحريات والمعتقدات الدينية والمدافعون عنها يعرفون أن مثل هذا السلوك مرفوض من قبل المسلمين في أمريكا وخارجها، ولا أعتقد انهم يجهلون أو لا يتوقعون أن تلك المسابقة (المغامرة) لن يكون لها ردود أفعال، أمريكا هي أفضل بلد غير اسلامي يعيش فيه المسلمون محافظين على دينهم دون تدخل ! فحتى هذه اللحظة يعيش المسلمون في امريكا كمواطنين يحبون بلدهم امريكا ويجدون الكثير من الحرية التي لايجدونها في أكثر البلدان التي تدعي الديموقراطية والحرية مثل فرنسا أو غيرها، وتصريحات المسؤولين في أمريكا تحترم الدين الاسلامي وتعتبر المسلمين مواطنين يساهمون مع غيرهم في بناء امريكا، وكلنا نعرف ان الحجاب كان مثار جدل ومنع في عدد من الدول الاوربية، والغريب ان عدوى مهاجمته أصابت دولاً عربية، لكن في امريكا يمارس المسلمون شعائرهم بكل حرية ومن الامور العادية في شوارعها وجامعاتها ومستشفياتها واسواقها ان تشاهد العبايات السوداء والنقاب ونادرا جدا ما تحدث المضايقات. هذه المسابقة دون أدنى شك تنقل المنازلة الى أمريكا، فكانت الدنمارك وهولندا ثم فرنسا مؤخرا حيث قتل (12) شخصا في هجوم على مجلة (شارلي ايدو) برره المهاجمون بانه انتقام لنشر رسوم تصور الرسول عليه الصلاة والسلام.
هذه المسابقة العجيبة والتي تضع امريكا المتصالحة مع نفسها ومواطنيها في مختلف دياناتهم وتنوعاتهم ومعتقداتهم. . تضعها في مواجهة مع غضب المسلمين ورفضهم لهذه الممارسات، مما قد يضيف اليها صداعا آخر لا يقل عن صداع المواجهات مع السود والتي غالبا ماتكون بسبب ممارسات عنصرية يقوم بها افراد لايمثلون في الحقيقة قيم المجتمع الامريكي.
من المستفيد من نقل جرثومة العنف الديني الى الجسد الامريكي؟! ومن يستفيد من توريط امريكا في صراعات هي في غنى عنها! وهل هذه الحادثة ستفتح شهية من يودون ان يشعلوا مواقد العنصرية كما حدث في دول اوربية أم ان امريكا ومن بيدهم صناعة القرار سينظرون إلى خطورة مثل هذه المسابقات والممارسات، وسيكون هناك موقف يتخذ بمشاركة المسلمين، الذين يجب عليهم الابتعاد عن العنف والوقوف من خلال القوانين والانظمة في وجه من يحاولون باسم الحرية مهاجمة وخطف الحرية!