بعد القرار بوقف عاصفة الحزم - بشروط التحالف - ليكون البديل بعد ذلك عملية إعادة الأمل، سارعت المملكة إلى تشجيع اليمنيين في عقد مؤتمر يضمهم جميعاً ولا يستثني أحداً منهم، وزادت بأن الرياض جاهزة لاستضافة اجتماعاتهم، دون أي تدخل أو مشاركة، بأمل أن ينجح مسعاها في توصل المجتمعين إلى تضييق نقاط الخلافات فيما بينهم، والتوجه نحو بناء اليمن الحر، المستقل بقراراته، بعد سنوات من الضياع، وهيمنة علي عبدالله صالح وأتباعه على مؤسسات الدولة، وتهميشه لكل مكونات الشعب الأخرى من أي مشاركة في بناء دولة مؤسساتية على مدى ثلاثين عاماً، بدلاً من دولة الصوت والقرار الفردي الواحد.
***
نجح مؤتمر الرياض، بعد ثلاثة أيام من المناقشات والحوارات وتبادل وجهات النظر، بحضور الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج ومراقبين آخرين، والنجاح الذي أعنيه وأقصده، أنه أسس أرضية لبناء يمن المستقبل بالقرارات التي اتفق عليها جميع المشاركين وأُعلن عنها، مع غياب ومقاطعة من رموز الشر عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح وأتباعهما، وإن كان يسجل لقيادات مهمة من حزب المؤتمر العام الذي ينتمي إليه علي عبدالله صالح مشاركتهم بالحضور، والتفاعل مع المناقشات دون رضا أو موافقة من الرئيس اليمني المخلوع.
***
وللتذكير، فقد صاحب انعقاد مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن، تلك الرسالة المهمة التي وجهها الملك سلمان إلى المؤتمر، وفيها أعلن عن تطلعه بأن يسهم عقد المؤتمر في الانتقال من عاصفة الحزم إلى عملية إعادة الأمل في تحقيق الاستقرار تمهيداً لبدء مشروع تنمية اليمن، وأن استضافة المملكة للمؤتمر في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة تأتي في سياق حرص المملكة واهتمامها باليمن وسيادته وسلامة أراضيه، ما يعني أن انعقاد المؤتمر بالرياض قد أظهر -كما قال الملك سلمان- للعالم تلاحم وإصرار اليمنيين على رسم مستقبل اليمن نحو الأفضل، بينما اعتبر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أن إعلان الرياض سيكون إحدى المرجعيات الأساسية لعملية التحول السياسي في اليمن.
***
وفيما كنا نتوقّع أن تبدأ نتائج مؤتمر الرياض بالتطبيع والتطبيق، وهي التي اعتمدت على مرجعيات بينها المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل، وقرار مجلس الأمن بشأن اليمن، وقرار القمة العربية بشأن اليمن، وغيرها من القرارات والرسائل ذات الصلة، وكلها إما أنها كانت محل إجماع واتفاق بين اليمنيين، أو أنها قوبلت بالترحيب من غالبية الشعب اليمني، وبالتحديد المؤثِّرون منهم في القرار السياسي، الأمر الذي يجعلنا نتساءل: ما قيمة أن يدعو الأمين العام لمجلس الأمن إلى مؤتمر في جنيف للحوار حول اليمن في الثامن والعشرين من هذا الشهر، وكأن المقصود من عقده تعقيد المشكلة لا إيجاد حل لها، وماذا يخفي مجرد التفكير بدعوة من أدانهم مجلس الأمن إلى مؤتمر جنيف، وماذا سيضيف عقده في جنيف، طالما أن الرئيس اليمني الشرعي المنتخب لم يستشر ولم يُؤخذ رأيه مسبقاً في عقده، وبالتالي فقد أعلن وحكومته ضرورة تأجيله إلى حين التزام أطراف الانقلاب على الشرعية بتطبيق ما نص عليه قرار مجلس الأمن، وقد تم تأجيله استجابة لطلبه دون أن يحدد موعداً جديداً.
***
إن عقد مؤتمر جنيف يصبح مفيداً ومطلوباً لحل الأزمة اليمنية المتفاقمة، إذا ما تم أولاً انسحاب ميليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح من المدن، وتسليم السلاح الحكومي الذي سرقوه خلال انقلابهم على الشرعية، وتنفيذ الانقلابيين لقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي نصَّ على تطبيق البند السابع، فإذا لم يلتزموا بما نص عليه هذا القرار، فكيف يدعو الأمين العام لمجلس الأمن من يعنيهم هذا القرار وهو يعلم أنهم لم يلتزموا بتطبيق أي شيء منه إلى حوار يحضرونه في جنيف، وكأنه يكافئهم على عدوانهم وانقلابهم على الشرعية في اليمن الشقيق.