رقية الهويريني
تفرّدت بلدية عنيزة بنشر عشرات اللافتات تحمل شعار «لا للطائفية» بمختلف الميادين والطرقات، وهذا التصرف ينم بلا شك عن حس وطني بالغ الدقة. وهذه المبادرة تجسّد وتعمّق تلاحم أبناء الوطن، كما أنها تقطع الطريق أمام أعداء الوحدة الوطنية، في وقت ينبغي على الشعب السعودي التلاحم والتكاتف ونبذ الطائفية. وعلى أفراد المجتمع أن يعزّزوا هذا المفهوم لمزيد من التعاضد الدائم والتآزر الصلب، والمحافظة على مكتسبات وطننا ومستقبل أبنائنا.
الجميل أنه في 15-11- 2014 م كان وفد من أهالي محافظة الأحساء قد زار محافظة عنيزة لتقديم واجب العزاء لأسرة النقيب محمد العنزي، الذي قُتل في مواجهة مع مسلحين متهمين في حادثة (الدالوة) في الأحساء والتي راح ضحيتها ثمانية مواطنين.
ولا شك أنّ حوادث (الدالوة ومسجدي القديح والعنود) قد أفجعت المجتمع السعودي، بفقد أبنائه العزل من المواطنين ورجال الأمن والشهداء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم للدفاع عن أمن وأمان الوطن والمواطنين.
ولأنّ الوطن نسيج واحد مهما تغيرت أطيافه؛ فإنّ الطائفة الشيعية تعد جزءاً لا يتجزأ من نسيج هذا المجتمع، وقد قدَّم أفرادٌ منه أرواحهم فداء للمواطنين، وعلى الطرفين وقف التحريض الطائفي من خلال التكفير المتبادل وإثارة البلبلة، أو تلك الأصوات التي تجرح المشاعر مثل سب بعض الصحابة.
وبلا ريب فإنّ مبادرتي أهل الأحساء وعنيزة هي مواقف حضارية راقية تعكس الاهتمام المتبادل والمشاعر المرهفة برغم الاختلاف المذهبي، وتشير إلى الوقوف ضد وحشية الإقصاء والثأر والانتقام. وتدل على الوصول لأرقى مراتب الوعي الإنساني المتقدم وتفعيل مفهوم التعايش بدلاً من التقاتل. وهذا هو ما سيقطع الطريق أمام جرائم الأعداء. ولا يعني الوقوف عند ذلك؛ ولكنه يتطلب المزيد من التقارب والتفاعل الاجتماعي والثقافي والإعلامي الذي سيوقف الفتن ويمنع التهديد ويحقق وحدة الوطنية السعودية القائمة على الأمن والأمان والرخاء.
ولئن شكلت محافظتا عنيزة والأحساء توأمة باسم التلاحم ونبذ الطائفية؛ فإنه حري بغيرهما من المحافظات والمدن السير على نهجهما، فالمواطن يشعر بالأمان وينعم بالراحة ويطوقه السرور، حينما يشهد هذا التلاحم والتسامح بين أطياف الشعب على مختلف مذاهبه، وهذا التسامح هو ما سيقوي لُحْمة الوطن برغم حجم التحديات المحيطة.