ميسون أبو بكر
على مقربة من نوافذ روحها المتعبة من شدة الألم لأنها فارقت فلذة كبدها ارتعشت حواسي، هرعت لمن وجدت حولي من أبنائي أضمهم وأطفئ بحضورهم شوق قلبي وأمومتي المكلومة تلك اللحظة التي انتشر فيها خبر استشهاد ابن الزميلة كوثر الأربش (محمد العيسى) وابن اختها في التفجير الإرهابي الذي استهدف المصلين في بيت الله.
بأي ذنب قتل محمد العيسى؟ وأي البشر أولئك الذين يتحزمون بالموت والأحزمة الناسفة ويقدمون أرواحهم قرابين لشياطين الإنس؟ وأي وجع هو ورعب يمكن أن يهدد الخلق والعباد في بيوت الله؟
كان التفجير الذي أُحبط يوم الجمعة الماضي واستهدف مسجد العنود خرق حرمة يوم الجمعة وبيوت الله، وقد روع الآمنين المصلين وإن دلّ هذا الامر إنما يدل على وحشية هؤلاء ويظهر كفرهم الحقيقي وعداؤهم للإسلام وأهله واختراقهم كل القيم الإنسانية وتعديهم على الحياة التي جعل الله لها قداستها.
محمد العيسى رحل رحمة الله عليه.. تاركا لنا أنموذجا حيّا ونادرا للإنسان الذي ينتمي لإنسانيته ووطنه وقيمه، محمد ابن كوثر: قرع ناقوسا في تاريخ هذا الوطن سيظل يذكره التاريخ ونذكره كلما لاحت في الذاكرة تفاصيل ما حدث، وربما ستكون نشوتنا وفخرنا أكبر من الحزن ومن القرف الذي يستدعيه الموقف، لأننا سننتشي بمحمد ورفاقه وسندرك جيدا أن لهذا الوطن أبناء مخلصين جبلوا على الوفاء والتضحية وكانوا جنبا إلى جنب في الصف الأول مع حماة وجنود ورجال الأمن البواسل في هذا البلد.
إن هذا الوطن يا كوثر عصيّ على الانكسار، أكبر من كل المؤامرات وأنقى أن يقع فريسة الفتن.
يا كوثر.. أعلم أن المصاب جلل.. وأن الفراق صعب وأن الاٍرهاب لا دين له، فلك الصبر والسلوان ولأبي محمد الصبر والأجر العظيم بإذن الله ولمحمد رحمة الله.