ميسون أبو بكر
لعلني عرفت «جون ناش» من خلال متابعتي لجائزة الملك فيصل التي فاز بها عدد ممن فازوا بنوبل بعدها وهذا يدل على قدرة الجائزة على تقييم المبدعين والمجتهدين ومكافأتهم ويدلل أيضاً على نزاهتها وجديتها وشموليتها.
كما كان الفيلم الذي حصل على الأوسكار « the beautiful mind» الذي قدم حياته بفن عال وجودة متناهية هو سبيل آخر جعلني أتقصى حياة هذا المبدع وإبداعاته في مادة الرياضيات، ثم أسباب مرضه النفسي، وكل تلك التضحيات التي قدمتها زوجته لتكون شريكته في مرضه وفي مجده وحتى عند رحيله الذي تفاجأنا به قبل أيام، حيث توفيا معاً في حادث مروري أثناء ركوبهما سيارة أجرة في ولاية نيوجرسي بأمريكا نتيجة فقد سائق التكسي السيطرة على سيارته.
ولم أنس أنني والزميل الإعلامي المجتهد شجاع القحطاني كنّا أعددنا تقريراً موجزاً لإحدى حلقات برنامجي على القناة الإخبارية» المشهد» حاولنا جاهدين اختصار مشوار ما يزيد عن خمسة وثمانين عاماً في ثلاث دقائق عن إبداع جون ناش في مادة الرياضيات والتي نال عنها نوبل، حيث حقق إنجازات غير مسبوقة فيها، وعن رحلته مع المرض النفسي الذي جعله لفترة طويلة من عمره يتخيل أن هناك أحداً معه في غرفته يتتبعه ويتحدث معه.
جون ناش رحل ورحلت معه زوجته إليشا التي لم تفارقه قط في أي مرحلة من الحياة، رحل تاركاً وراءه تركة علمية ستبقى شاهدة على إبداعه، وفيلماً سينمائياً لم يحز على الأوسكار فحسب، بل جعل هذا المبدع نموذجاً حيّاً يمكننا العودة لبعض تفاصيل حياته كلما عدنا لجهاز مشغل الـ (CD) لنشاهد الفيلم.
حزم وعزم
لن يفارقني محيَّا الأمير الخلوق ولي العهد وزير الداخلية الأمير «محمد بن نايف» في زيارته لأهالي شهداء القديح حين صافحهم فرداً فرداً، وعزاهم بكلمات وطنية عالية، وقد أوصل إليهم تعازي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في هذا الحدث الذي آلم الوطن كله فانتفض أفراده في كلمة رجل واحد تدين الإرهاب وفاعليه.
بشافية مطلقة منح الأمير محمد بن نايف المواطن المكلوم باستشهاد أحد أفراد أسرته المجال أن يتحدث إليه ويعبّر بفم جريح أذهلته الحادثة، وبكلمات مبعثرة صححها له ووضح له، مؤكداً أن الوطن هو حضن أبنائه أجمعين والحكومة لا تتهاون أبداً في ردع المجرم ولا يلومها في الحق لومة لائم.
هذه هي المملكة التي لا يهزها ريح المفسدين الآثمين ولا تفرّق أهلها النوائب، بل تجمعهم على كلمة رجل واحد هو سلمان بن عبدالعزيز.