لا أحد كان يسمح لنفسه بالتدخل في شؤون عمل شركة أرامكو، فقد كانت مهابة، يتردد الناس قبل التفكير في إبداء وجهة نظر حولها، واضعين الثقة في المسؤولين فيها -وهم أهل لهذه الثقة- وقد كان لهذا التعامل معها، وبهذا القدر من الحذر، ممن هم خارج جهازها الإداري دوره في نجاح إدارتها السعودية، دون أن يترك تخلي الجهاز الأمريكي والاستغناء عنه في العمل والإشراف، أي أثر سلبي على مسيرتها.
***
ولعل تشكيل المجلس الجديد للشركة، وفك ارتباطه بوزارة البترول والثروة المعدنية، حيث لم يعد رئيسه وزير البترول والثروة المعدنية، كما كان الوضع هكذا منذ استعادة المملكة كامل ملكية الشركة دون شراكة أمريكية، كما أن وجود رئيس أعلى للشركة وتسمية ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قمة هرم المسؤولية عن الشركة، كل هذا يضع الشركة أمام تطورات جديدة، ونجاحات موعودة، إذ إن هذا التجديد في الأسماء، والصلاحيات، والقيادات يشير إلى أن أفكاراً جديدة سوف يفعّل بها أداء الشركة.
***
وكما أشرت في الحلقة الأولى من هذا المقال، فقد تمنى بعض المواطنين علي، أن أكتب من وحي تطلعاتهم عن أفكار يرون أنه لو أُخذ بها وطُبقت ربما ساعد ذلك على دعم جانبي للتوجه الجديد الذي تنحو نحوه الشركة، بالتزامن مع الإعلان عن اسم الرئيس الأعلى للشركة ومجلس الإدارة الجديد، وهي تشكيلات منتقاة من بين الكفاءات التي ستكون مسؤولة عن السياسات والتنفيذ لشركة عملاقة هي شركة أرامكو، وهذه الأفكار ليس لي من جهد أو دور فيها سوى نقلها لكم بأمانة، مع شيء من التدخل في الصياغة والتعديل دون الإخلال بجوهر هذه المقترحات، وكذلك مع بعض الإضافات التي حملت أفكاري وآرائي الشخصية، ورأيت مناسبتها للموضوع.
***
فهذه الأفكار يقدمها المواطنون من منطلق أن شركة أرامكو تحتاج إلى صيانة، وأن الورشة الكفيلة بذلك هو المجلس الأعلى للشركة الذي يرأسه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أو هكذا يمكن النظر إلى هذه المقترحات، أي بوضوح أن نجاح الشركة في السنوات التي خلت -وهو مقدر- لا يحول دون حاجتها إلى الصيانة، وإلى ضخ بعض الأفكار والأطروحات التي تدفع بالشركة نحو آفاق أفضل، وهي مهيأة لذلك بحكم الكفاءة الإدارية والمالية والفنية والخبرة التراكمية الواسعة التي يتمتع بها جهازها الإداري والفني حتى الآن.
***
فإذا اتفقنا على أن شركة أرامكو هي أهم مؤسسة بالدولة، منذ قرار تملك المملكة لها بالكامل عام 1988م، فإن المواطن يتوقع من المجلس الأعلى الجديد برئاسة الأمير محمد بن سلمان أن يضيف لها لا أن يكون امتداداً لما هو قائم، والإضافة تعني أول ما تعني إحكام الرقابة على الشركة بمعايير لا تكبل أيدي المسؤولين عن أداء أعمالهم بمهنية عالية، وإنما تساعدهم على تجنب الأخطاء، وتحميهم من الاجتهادات التي قد تلحق الضرر بهم وبالشركة، والرقابة الصحيحة بالمقاييس العلمية المتعارف عليها، لا تلغي المرونة في اتخاذ القرارات المناسبة، ولكنها تقلل من الأخطاء، ضمن صلاحيات واسعة يتمتع بها المديرون والأجهزة التنفيذية في الشركة.
***
ومن ضمن التفاعل مع الإعلان عن المجلس الأعلى للشركة واختيار الأمير محمد بن سلمان رئيساً أعلى، يتحدث بعضهم - بحق - عن أن شركة أرامكو أثبتت أنها خير مصنع خرَّج أجيالاً متفوقة من السعوديين، أسهموا في بناء مؤسسات الدولة، وشركات القطاع الخاص، وكانوا على قدر كبير في تحمل المسؤولية، بل إنهم كانوا عاملاً في نجاح القطاعات التي عملوا بها خارج نطاق شركة أرامكو، وأن هذه السياسة ينبغي أن تستمر لإثراء مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بمثل هذه النوعية من القيادات والمسؤولين في الأجهزة التنفيذية، إذ لا يوجد من سيقوم بهذا الدور وبهذه الكفاءة غير شركة تتمتع بإمكانات كبيرة كشركة أرامكو.
***
هناك من يرى -ممن تحدثوا معي- أن أرامكو تقف الآن في تنافس مع الشركات الكبرى المماثلة، مثل ستات أويل بالنرويج، وبتروناس في ماليزيا، بل ومع شركات البترول العالمية مثل أكسون موبيل، وشيفرون. ويكفي أن نتذكر للتأكيد على ذلك -والكلام لبعض المواطنين- أن تطوير حقل الشيبة في الربع الخالي تم بأيدٍ سعودية، أي أن هؤلاء الذين تواصلوا معي فرحاً بالتغيير الذي طال شركة أرامكو، أرادوا أن يتحدثوا عن نجاحاتها وتميزها حتى اليوم، معبرين عن آمالهم بأن تمضي الشركة من نجاح إلى نجاح، فأرادوا الإسهام ببعض المقترحات والرؤى والأفكار التي تخدم الشركة.
...... يتبع بعد غدٍ.