د. عبدالواحد الحميد
امتدت يد الغدر، مرة أخرى، لتعتدي هذه المرة على المصلين في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في القديح بالمنطقة الشرقية فيسقط عددٌ كبير من الضحايا بين قتيل وجريح. وكان من المفجع أن نجد بين الشهداء طفلاً صغيراً تنضح ملامح وجه بالبراءة الطفولية، وشباباً في مقتبل العمر، ومواطنين من كل الأعمار.
ولم يتردد تنظيم داعش في الإعلان عبر وسائل التواصل بأن يد الغدر الآثمة التي ارتكبت تلك الجريمة هي يدٌ داعشية جاءت كيما تبث الفتنة والفرقة بين أبناء البلد الواحد في وقتٍ بالغ الحرج.
إن تنظيم داعش لا يُخفي نواياه ورغبته في خلخلة الوحدة الوطنية وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية وزج الوطن في فتن وحروب أهلية لن يستفيد منها أحدٌ سوى الأعداء والخصوم. فتنظيم داعش لا يجد الأرض الخصبة للتمدد والانتشار إلا على ركام وخراب الأوطان.
ولا يحتاج أيُ إنسان لقدرٍ من الذكاء والإدراك لكي يعرف أن البلدان التي انتشر فيها التنظيم هي تلك التي يسود فيها الاقتتال الأهلي والدمار والموت. وقد تحولت تلك البلدان إلى دول فاشلة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة المعيشية اليومية بعد أن تعطّلت فيها التنمية وغاب عنها الأمن والاستقرار.
داعش يريد تحويل وطننا إلى ركام وحطام وخراب وأن يقتل التنمية ويصادر المكاسب التي تحققت لأهل هذا البلد من نساء ورجال. فتعليم المرأة حرام، وقراءة الكتب حرام، والتعامل مع الحضارات الأخرى حرام، والعلوم الحديثة كلها حرام بحرام وليس هناك من حلال إلا جز الأعناق لمن يسمونهم بالمخالفين حتى لو كانوا يشهدون ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله!
ما حدث في القديح هو فتنة أراد مشعلوها تفجير البلد بكامله وليس تفجير مسجدٍ واحد، وقتل شعبٍ كامل يرونه كافراً وليس قتل مجموعة من المصلين الآحاد في بقعة جغرافية محدودة. لكن ما يُفرح، رغم حزننا الشديد على الضحايا، هو أن الوطن بكل فئاته وأطيافه وقف صامداً ومستنكراً للاعتداء الإجرامي مثلما حدث في الدالوه عندما امتدت نفس اليد الغاشمة لتبدد هدوء البلدة الأحسائية الآمنة وتسفك دماء المواطنين وتنشر الدمار في تلك البقعة العزيزة من وطننا الحبيب.
ندعو الله أن يرحم الشهداء وأن يحفظ أمن بلادنا وأن ينشر ويديم السلام والمحبة والإخاء بين جميع أبناء الوطن بكل أطيافهم ومناطقهم وأن يدحر المخربين المتربصين بهذا الوطن الناهض الآمن.