د. عبدالواحد الحميد
عندما نتأمل أحوال بعض البلدان العربية التي تحولت الحياة فيها إلى جحيم بسبب الحروب والعنف والإرهاب ندرك النعمة التي يتمتع بها المواطنون والمقيمون في بلد كالمملكة. فالأمن والسلام الاجتماعي هما أثمن وأفضل ما يمكن أن يتمتع به أي بلد من بلدان العالم. هما أهم من جميع المتطلبات الأخرى التي يبحث عنها الإنسان، لأن غيابهما يعني استحالة الحياة الطبيعية، وفي غيابهما تتحول كل الإنجازات وكل المكاسب التنموية إلى أصفار كبيرة لا قيمة لها!
ربما لاحظنا جميعاً مدى القلق الذي شعر به أفراد بعض الجنسيات المقيمين في المملكة عندما راج الحديث والشائعات في بعض الأوساط أن المملكة ستطلب منهم مغادرة البلاد أخذاً بالاعتبار الظروف والملابسات المتعلقة بأحداث ومواقف تتصل ببلدانهم أو بجهات معينة في بلدانهم على الرغم من أن تلك البلدان حباها الله بطبيعة رائعة تفوق بجمال غاباتها وأنهارها وجبالها الخضراء ومياهها العذبة ما هو موجود في بلدنا. لقد كان مبعث القلق هو أن ما يتوفر في بلادنا أهم بكثير من كل المغريات التي تبدو للوهلة الأولى جاذبة للعيش في بلدانهم. لدينا الأمن الذي يفتقرون إليه، ولدينا الميدان الرحب لالتقاط لقمة العيش الكريمة؛ هذا الميدان الذي وَسِع ملايين البشر من مختلف الجنسيات والأديان.
إن ما لدينا من أمن وسلام واستقرار وعيش كريم يستحق أن نعض عليه بالنواجذ حتى لو رأينا جوانب قد لا تعجبنا في تجربتنا التنموية. وكل من يشك في ذلك عليه أن يجرب العيش معتمداً على نفسه وعلى عرق جبينه في بعض البلدان العربية والإسلامية التي يعتبرها نموذجاً يحتذى.
ومن المؤسف أن هناك من يستخف بكل هذا الخير الذي ننعم به، وبخاصة أصحاب الفكر التكفيري الذين يسعون إلى نسف المجتمع وتحويل بلدنا الناهض المزدهر إلى بقعة مكفهرة مثل دولة طالبان أو دولة داعش. هؤلاء معاول هدم يجب أن نقف جميعاً بحزم وبلا مجاملة في وجوههم، يجب أن نقول وبأعلى صوت: لا للتكفير، ولا للطائفية، ولا لكل من يعبثون بوحدتنا الوطنية.
لقد عرفت بلادنا معنى التشرذم ومرارة الحروب الأهلية والقبلية والمناطقية على مدى قرون طويلة من تاريخها وذاقت البؤس وعانت من الجوع والأمراض والأمية وشظف العيش، ولذلك يجب قطع كل يد تريد أن تعبث بهذا السلام والخير والعيش الذي ننعم به. يجب أن يكون شعارنا: لا مجاملة بعد اليوم!