د. عبدالواحد الحميد
البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية عن جريمة قتل المصلين في مسجد الإمام علي بالقديح كان صادماً ومؤلماً بما تضمنه من تفاصيل كان من بينها مشاركة بعض الأطفال في الخلية التي نفذ بعض أعضائها هذه الجريمة وجرائم أخرى في وطننا الغالي.
ماذا يعرف طفلٌ في الخامسة عشرة من العمر من الفقه الديني أو قضايا السياسة لكي يقدم نفسه ضحية من أجل قضية دينية أو سياسية!؟ هؤلاء الأطفال هم ضحايا الفوضى الدعوية والتربوية التي عصفت بمجتمعنا حيث صار بوسع أي شخص أن يعتلي المنبر أو يندس في حلقة تحفيظ قرآن أو يتطفل على تجمعات ترويحية تربوية أو يلقي حصة في فصل دراسي أو محاضرة في مخيم صيفي ثم ينفث سمومه ويجند الأطفال والشباب من خلال شحنهم بمقولات يتم إضفاء طابع شرعي عليها بعد إخراجها من سياقها الشرعي الصحيح.
هؤلاء الأطفال هم ضحايا لفكر تكفيري خطير يلبس مسوح الدين ويصور المجتمع بكل فئاته على أنه مجتمع كافر يستحق القتل والإبادة وأن من يقتل ويفجر ويدمر هذا المجتمع «الكافر» هو بطل في الدنيا وشهيد في الآخرة ومصيره جنات النعيم مع الأنبياء والصديقين والصالحين!
لنا أن نتخيل طفلاً صغيراً لا يعرف عن الدنيا شيئاً أو شاباً صغيراً متحمساً في فترة حرجة من العمر يبحث عن دور لإثبات ذاته ثم يسمع يوماً بعد يوم هذه الأقاويل التي تُكفر المجتمع وتدعو إلى محاربته؛ ألا تكون نتيجة ذلك أن ينخرط هؤلاء الأطفال والشباب في الأنشطة الهدامة التي يدعو إليها التكفيريون!؟
إنه لمن المحير فعلاً أن ينصرف طفلٌ في الخامسة عشرة من العمر عن الأنشطة والمباهج المتاحة لمن هم في مثل عمره في مجتمع يتمتع بالرخاء والخير والاستقرار ثم يعتنق ثقافة الموت والكراهية. ما الذي يدفع هؤلاء الأطفال والشباب المولودون في مجتمع الرفاه والاستقرار إلى تفجير أنفسهم بالأحزمة الناسفة في المساجد والتجمعات هنا على أرض الوطن أو خارجه في العراق أو سوريا أو اليمن سوى التجهيل والتسطيح الذي يمارسه عليهم التكفيريون حين ينفذون إلى عقولهم من خلال المقولات الدينية التي يتم اعتسافها وإخراجها من سياقها الصحيح!؟
لابد من وقفة جادة من الدولة لتنظيف المدارس والأنشطة الدعوية المختلفة من أصحاب الفكر التفكيري الذين يسيؤون إلى الدين ويختطفونه ويعيدون الأمة إلى زمن الخوارج الآثم ويُجيِّرون ذلك كله إلى «السعودية» كبلد يفرخ الإرهاب وينشره في العالم، حسب ما يردده خصوم المملكة.
الإسلام هو دين الرحمة والتسامح وقد دنس التكفيريون هذه الصورة الرائعة ونشروا بدلاً عنها صورة كالحة لديننا العظيم في أذهان الناس في الشرق والغرب. يجب ألا نسمح لهؤلاء باختطاف ديننا ومجتمعنا وأطفالنا وشبابنا! الخطر كبير، ويجب على الدولة أن تضع حداً لأنشطة التكفيريين التي تتم ممارستها في وضح النهار قبل فوات الأوان.