د. محمد عبدالله العوين
تتجلى في إجابة الأمير السريعة خلاصة التجارب، وثمرات الدروس السياسية العفوية، وبلاغة القول الفصل، والثقة العميقة في النفس، وصلابة الموقف، والعزم على المواجهة، وثبات المبادئ الوطنية الوحدوية، تجلت في هذه العبارات القوية البليغة الذكية الخاطفة التي انهالت متحدرة من وراثة أكثر من مائتين وثمانين عاماً من التجربة القيادية للأسرة السعودية الحاكمة التي واجهت خلال مسيرتها الطويلة في الحكم وإدارة البلاد من المواقف والتحديات ما يشيب له الولدان؛ مما هو مدون في كتب التاريخ؛ ليس موقفاً عابراً يشي بفكرة مدسوسة من أعداء على بعض أبناء الوطن كما عبر عنا الشاب يراد منها البدء في تفتيت مفهوم الوحدة الوطنية؛ بل صراع مكشوف ومستتر مع دول تحت حجج واهية واستدلالات خاطئة يسيرها الأعداء مشوشة مدسوسة مزورة مزينة بأقاويل كاذبة خادعة لا تملك القدرة على الصمود ولا الإقناع؛ فسرعان ما تذهب الحجج الباطلة وتضيع وتنسى وكأنما طارت بها الرياح ودفنتها السنين والأيام؛ كما هو الشأن الآن في صمود وبقاء الدولة السعودية التي أكرمها الله بنصرة دينه وحماية بيته الحرام وخدمة حجاجه ومعتمريه؛ فأفاء عليها خيراته وأكرمها بالنصر والعزة والقوة والقدرة الفائقة على التحدي والانتصار على المكايد إسقاط تآليف الكذب وتزييف الحقائق. ولنا الآن عبرة وعظة بما تروج له إيران من عهر فكري وما لا تنسجه وتلفقه في وسائل إعلامها الفارسية ومن يلهث خلفها من المخدوعين الطائفيين الشيعة العرب من افتراءات. ولنا عبرة وعظة أيضاً في ما يحدث في المنطقة العربية من تخريب وهدم لمفهوم الأمة العربية؛ بإشعال النيران في كل أرجاء الوطن العربي؛ لإلغاء وشطب وجود أمة عربية قادرة على الحياة، مما يراد منه أن يمتد اللهب إلى المملكة العربية السعودية - حماها الله - وهي من غير شك مركز الرحى وغاية ما يتمنى أن يصل إليه راسمو خطط المؤامرة اللئيمة ومنفذوها من الأتباع.
وتأتي فكرة «اللجان الشعبية» نتيجة تحشيد إعلامي واستقطاب فكري وعمل متواصل خلال سنين طويلة من التهيئة وملء النفوس بمشاعر سخط غير مبررة على الوطن قيادة وشعباً؛ تمهيداً لتطوير الفكرة الشيطانية إلى ما يروج له بعضهم بما أسماه «الحشد الشعبي»!
ونحن نعلم تمام العلم والأمير محمد - حفظه الله - يعلم قبلنا ما معنى «الحشد الشعبي» الذي سينتج عن «اللجان الشعبية»، ولهذا كان رده حازماً حاسماً قوياً لا تردد فيه ولم يستغرق منه إلا ثوان معدودة كانت محسوبة للإنصات الكبير من الرجل الكبير القائد للمواطن حينما يشكو أو يعبر عن رأيه!
أوحى الشاب القطيفي عما هو رائج ويسوق له من فكر شاذ يشيع تحت ظلال من الاتهام المسوق له من مصادر خارجية بأن الدولة ضعيفة عن حمايتكم وعاجزة عن الدفاع عنكم؛ فعليكم أن تحملوا السلاح للدفاع عن منطقتكم!
إن هذه الفكرة الفارسية الخبيثة التي يعمل على غرسها في نفوس بعض الشبان عملاء وخونة وأتباع مستقطبون لإيران لن تجد من الدولة إلا كل الحزم والقوة في مواجهتها؛ لاجتثاثها من جذورها وتطهير المنطقة ممن يروج أو يسعى أو يخطط لاختطاف دور الدولة وتكوين دولة أخرى مصغرة داخل الدولة. وهذا الحكم لا ينطبق على من يؤمن بفكرة «الحماية الذاتية» ممن غرر بهم من طائفة الشيعة؛ بل ينطبق أيضاً على كل من يفكر بأنه قادر على اختطاف دور الدولة من السنة أو غيرهم؛ فالدولة - كما عبر وزير الداخلية - تبقى دولة وستضبط الأمن.
ونريد أن نذكر هذا الشاب ومن ذهب مذهبه من المخدوعين أو المغرر بهم بأن الفكر الإرهابي عدو للجميع، عدو للسنة قبل الشيعة، وقد ذهب ضحيته عشرات الأبرياء من رجال الأمن والمواطنين؛ وأقرب الأدلة وأكثرها وضوحاً هذا الأمير الشهم الذي وقف منصتاً مستمعاً بتواضع الكبار وحلم العقلاء للفكرة المحتقنة من الشاب؛ فالأمير نفسه كان ضحية لعمل إرهابي قميء قبل سنوات قليلة قدر الله أن ينجو منه، فلا فرق بين شيعي وسني في ميزان الفكر التكفيري الإرهابي، ونحن ذقنا من ويلاته خلال عشرين عاماً ما دونته الأحداث المؤلمة.