د. عبدالرحمن الشلاش
أكتب في مقال اليوم عن موضوع أزعم أنه على جانب كبير من الأهمية في منظومة حملة الدولة على الإرهاب، فإذا كانت الأجهزة الأمنية لم تقصر في أداء واجباتها في ملاحقة القتلة المجرمين حال وقوع الجرائم والتفجيرات الإرهابية، وإحرازها في أكثر من مرة لنجاحات استباقية مبهرة فإن العمل الوقائي مطلوب خاصة في الفترة الحالية لتجفيف منابع الإرهاب والتضييق على الإرهابيين وسد كافة المنافذ في وجوههم القبيحة.
أغلب المطلوبين تم القبض على بعضهم في مزارع وآخرين في استراحات أو منازل مهجورة أو في مخيمات حيث يتجمعون فيها لفترات طويلة قبل تنفيذهم لأي عملية يخططون ويتدربون ويصنعون المتفجرات ويخزنون الأسلحة ! الغريب أنهم يمارسون كل تلك الأعمال ويتحركون بأريحية يتنقلون خلالها لجلب احتياجاتهم، وفي حركة شبه ظاهرة يتوافد أتباعهم من الشباب المغرر بهم والنساء والأطفال والذين لا ندري هل يعلم أهلهم بإقامتهم في تلك الأماكن أم أنهم يهربون من عائلاتهم من خلال المجرمين الكبار وهم من يطيح بالشباب والصغار في هذه الأوكار المنتنة تارة تحت غطاء الدين، وتارات تحت ذرائع أخرى بإغرائهم بالأموال والهدايا وغيرها!
وضع تلك الاستراحات والمزارع والمخيمات بهذا الشكل المفتوح دون رقابة كافية يترك أكثر من علامة استفهام، ويثير كثير من التساؤلات المشروعة حول وضعها النظامي، وهل أنشأت هذه الاستراحات والمزارع والمخيمات التي تحولت إلى بؤر لإيواء أعداء الوطن بتراخيص رسمية، وهل إمارات المناطق توجه المحافظين ورؤساء المراكز للقيام بجولات ميدانية لحصر تلك المصائد الخطرة والتأكد من نظاميتها ومن يقيم فيها وتفتيش المشتبه بهم، ثم التحقق من ملكيتها وهل هي فعلا مملوكة لأشخاص معينين أم أنها عشوائية؟ والتساؤل الأهم والذي يحير كيف يجتازون نقاط التفتيش وهم يحملون الأسلحة والذخائر وصغار السن، هل لأن الإرهابيين من المهارة والحذق بحيث يتنقلون في أوقات محددة وعبر طرق برية غير مراقبة للوصول إلى الأماكن التي يقطنوها دون أن يحس بهم أحد ثم يتحركون لتنفيذ عملياتهم دون أن يشعر بهم أحد؟
الغريب أن بعض تلك الأماكن التي تؤوي الإرهابيين القتلة ظلت لفترات طويلة خارج التغطية، وبعيدة عن أعين الرقيب، رغم أن معظمها قريب من المدن الرئيسية مثل الرياض والدمام وبريدة وغيرها من المدن التي يستهدفها الإرهاب في حملته الشرسة لتفجير دور العبادة وقتل جنود الأمن وترويع الآمنين المسالمين.
الأمر يحتاج لإعادة نظر لإغلاق كل الأبواب أمام شياطين داعش والقاعدة وغيرها من جماعات القتل والدمار والخراب والفساد في الأرض وذلك بوضع تنظيم دقيق على مستوى المملكة العربية السعودية يضمن أن تكون جميع الأمكنة تحت السيطرة الكاملة فلا تقام أي منشأة بشكل عشوائي وإنما بتراخيص رسمية بحيث يعرف من المالك لوضعه تحت طائلة العقوبات المغلظة فيما لو حولها لوكر لإيواء أعداء الدين والوطن، وهدم كل العشوائيات والمنازل المهجورة وبذلك تكون الدولة قد وضعت أمام الإرهابيين سدودا منيعة.
أكتب هذا، وأنا أقدر عالياً العمل الكبير الذي يقوم به رجال أمننا البواسل، وأترحم على الشهداء منهم الذين قضوا دفاعاً عن الوطن والمواطن، وأدعو إلى تعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية للقضاء على هذه الفتنة ورموزها من الإرهابيين.