فضل بن سعد البوعينين
تعمل وزرة الداخلية في حربها على المخدرات؛ على محورين متوازيين؛ المحور الأمني الذي أثبت فاعلية كبيرة في حماية المملكة من تدفقات مهولة من المخدرات بأنواعها المختلفة؛ والمحور الوقائي الذي لا تقل أهميته عن الجهود الحمائية الأمنية. تحصين المجتمع يمكن أن يسهم بشكل كبير في عزوف أفراد المجتمع عن المخدرات؛ وبالتالي التأثير على حجم الطلب المحلي ما يؤدي إلى خفض تدفقها لأسباب تسويقية صرفة.
المخدرات أحد أهم قضايا الوطن الأمنية؛ فحجم المخدرات المضبوطة؛ ونوعيتها والمنخرطين فيها؛ إضافة إلى قيمتها السوقية يثبتون؛ بما لا يدع مجالا؛ للشك بأن المملكة باتت مستهدفة في أمنها؛ وأن المخدرات لا تعدو أن تكون وسيلة من وسائل زعزعة الأمن الداخلي من خلال تدمير مكونات المجتمع وبخاصة فئة المراهقين والشباب.
تحول المخدرات إلى سلاح في يد العدو؛ يجعل من عمليات المواجهة؛ والتعامل مع المهربين مختلفا ومعقدا. التقاء مصالح المهربين والمروجين؛ بمصالح الدول المارقة التي تستخدم المخدرات كسلاح تدميري للمجتمع ؛ يسهم في خلق سوق قسرية للمخدرات؛ من خلال التسويق النوعي؛ وجهود العصابات المنظمة في حمل الأطفال والمراهقين على الإدمان؛ لضمان استمرارية الطلب؛ وإتساع شريحة المتعاطين وسوق المخدرات ما يسمح بضخ كميات كبيرة منها؛ وإحداث مزيد من التدمير للمجتمع.
لذا لا يمكن الفصل بين عمليات المكافحة الأمنية؛ وبرامج الوقاية والعلاج من المخدرات؛ وهو أمر تنبهت له وزارة الداخلية في وقت مبكرة؛ وتعاملت معه بإحترافية علمية وعملية. إهتمت المديرية العامة لمكافحة المخدرات؛ خلال الأعوام الماضية بالجانبين الوقائي والعلاجي؛ وكان لهما أكبر الأثر في حماية المجتمع. تعدد البرامج الوقائية؛ واختلاف مصادرها ربما تسبب في إضعاف مخرجاتها؛ وربما؛ تضارب معلوماتها. المركزية في البرامج الوقائية تضمن الأداء الاحترافي؛ في الوقت الذي تسهم فيه عملية حشد الجهود وتوحيدها في تحقيق كفاءة البرامج وتعظيم النتائج.
إطلاق برنامج «نبراس» الذي يحتوي جميع البرامج الوقائية والاستشارية والعلاجية والتأهيلية ذات العلاقة بآفة المخدرات؛ يمهد الطريق للإدارة الموحدة والشاملة القادرة على تحقيق كفاءة العمل وجودة المخرجات. قد يكون للجوانب التثقيفية أثر كبير في حماية المجتمع؛ إلا أن الجهود العلاجية والتأهيلية باتت أكثر طلبا وإلحاحا مع ضعف المصحات العلاجية وندرتها. الشراكة بين وزارة الداخلية وشركة سابك يفتح الباب واسعا أمام مساهمة القطاع الخاص في مواجهة المخاطر المجتمعية والأمنية والمشاركة في البرامج الوقائية والعلاجية كجزء رئيس من مسؤولياتها الوطنية؛ والمجتمعية.
الاستثمار بشكل أكبر في بناء المصحات العلاجية في جميع مناطق المملكة سيسهم دون شك في رفع كفاءة العلاج والتأهيل. برغم الإنفاق الحكومي التوسعي على القطاع الصحي إلا أن جودة المصحات العلاجية والتأهيلية؛ إضافة إلى عددها لا يرتقون إلى الكفاءة المطلوبة؛ واحتياج المجتمع.
ما أتمناه أن يكون لدينا خطة عمل إستراتيجية لإنشاء مراكز علاج المدمنين وتأهيلهم ونشرها في جميع مدن المملكة وفق مبدأ الاحتياج الحقيقي لكل مدينة على حدة؛ وأن يتبنى القطاع الخاص تنفيذ المشروعات المحددة سلفا من خلال شراكة نوعية مع وزارة الداخلية.
مشروع «نبراس» النوعي يجب أن يكون بداية لمساهمات القطاع الخاص النوعية في أهم برامج المجتمع الحمائية التي توازي في أهميتها الجهود الأمنية المتقدمة. جهود سابك المتميزة في المسؤولية المجتمعية وحسها الوطني والأمني يجب أن يحفز شركات القطاع الخاص؛ وفي مقدمه المصارف؛ للمساهمة الفاعلة في البرامج الوطنية؛ والتركيز بشكل أكبر على إنشاء مصحات علاج وتأهيل مدمني المخدرات في جميع مناطق المملكة.