فضل بن سعد البوعينين
يؤمن الرئيس الأميركي باراك أوباما بأحقية دول الخليج في إبداء القلق من إيران «الراعية للإرهاب» في المنطقة. أزعم أن دول الخليج باتت أكثر قلقاً من تصرفات الحكومة الأميركية التي أصبحت أكثر تحمساً لتسوية الملف النووي الإيراني؛ ورفع الحظر الاقتصادي عنها؛ برغم تحديها للمجتمع الدولي؛ وتدخلها في الدول العربية؛ وخرقها الأنظمة؛ ودعمها السافر للإرهاب.
غالبا ما تتناقض تصريحات الرئيس أوباما؛ ذات العلاقة بإيران؛ مع أفعاله؛ وهو أمر لا نعتقده نحن فحسب؛ بل يؤمن به أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الذين صادقوا على مشروع قرار يلزم رئيس الولايات المتحدة بتقديم أي اتفاق نووي نهائي مع إيران إلى الكونجرس للحصول على موافقته؛ ومنع رفع العقوبات عنها قبل عرضه عليهم.
تقف إيران خلف غالبية عمليات الإرهاب في المنطقة. كتبت غير مرة عن التمويل الإيراني للحوثيين؛ والدعم اللوجستي والأسلحة النوعية المهربة لهم عن طريق البحر. كشفت ضربات عاصفة الحزم المركزة عن حجم ترسانة الأسلحة الإيرانية المخزنة في اليمن؛ التي كانت معدة لاستهداف السعودية ودول الخليج. شكلت الأموال الإيرانية القذرة المصدر الرئيس لتمويل الحوثيين وأعوانهم؛ وهي أموال ضخمة دخلت اليمن بطرق غير مشروعة.
ربما يكون تركيز دول الخليج في اجتماعهم اليوم منصبا على الملف النووي الإيراني؛ إلا أن ملف العقوبات الاقتصادية لا يقل أهمية عنه. هناك جانبان مهمان في الحظر الاقتصادي؛ الأول الحظر المرتبط بصناعة النفط؛ والثاني ما كان على علاقة بالأموال الإيرانية المجمدة وكلاهما يشكلان أهمية قصوى لدول الخليج.
عانت إيران كثيرا بسبب انخفاض أسعار النفط؛ ما انعكس سلبا على دعمها المالي لجماعات الإرهاب في الخارج؛ وأثر بشكل واضح على وضعها الداخلي. تذمر الشعب الإيراني من انهيار الاقتصاد وتدهور العملة المحلية؛ وارتفاع نسبتي التضخم والبطالة بشكل حاد ربما أطلق شرارة الاحتجاجات الشعبية على نظام الملالي. رفع الحظر عن الأرصدة المجمدة سيسهم في توفير السيولة الضرورية للنظام الإيراني؛ وسيعوضها انخفاض الدخل الحاد الذي أثر على خططها العدائية في المنطقة؛ وسيدفعها بشكل أكبر لتمويل جماعات الإرهاب وممارسة دورها التخريبي في المنطقة. فهل يسعى الرئيس أوباما في مباحثاته إلى إيجاد حل عادل للملف النووي الإيراني؛ أم أن الهدف الأكثر أهمية هو رفع الحظر عن الأرصدة المجمدة التي ستهب النظام الإيراني قارب النجاة؟!
برغم تدهور مركزها المالي؛ استمرت إيران في دعم منظمات الإرهاب؛ والجماعات الموالية لها في دول الخليج. لا تخلو جميع عمليات الإرهاب المكتشفة محلياً من علاقة مباشرة بالنظام الإيراني؛ الذي جعل من أمن السعودية هدفا لعملياته القذرة. خلايا إيران النائمة والنشطة باتت تشكل تهديدا مباشرا لأمن واستقرار المملكة.
إحباط محاولة تهريب مادة (RDX) شديدة الانفجار، وصواعق مخصصة لتفجيرها، في سيارة قادمة من مملكة البحرين عبر جسر الملك فهد من العمليات الأمنية التي تؤكد استمرار إيران في دعمها الإرهاب وتمويلها الإرهابيين؛ وإصرارها على تنفيذ مخططاتها التخريبية في المنطقة.
الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ أمير المنطقة الشرقية؛ وصف عملية التهريب بأنها تجاوزت الإرهاب إلى «خيانة الدين والوطن». وشدد على أن من خان دينه ووطنه؛ «فلا أمان لهم ولا لمن أعانهم ويستقبلهم ويتعاون معهم ومن سيسهل لهم أمرا». الحزم مع من يمد يد العون للصفويين؛ ويشاركهم في تمرير مخططاتهم؛ أو من يتستر عليهم ويوجد لهم التبريرات الإعلامية؛ هو ما نحتاجه لحماية الوطن.
مواجهة أعداء الوطن بوضوح وشفافية هو السبيل الأمثل للقضاء عليهم. تأخرنا في كشف مخططات تنظيم القاعدة أدى إلى استفحال أمرهم؛ وانتشار فكرهم. الأمر نفسه كاد أن يتكرر مع حزب الإخوان؛ لولا المبادرة بحظره قانونا. تحفظنا في عدم تسمية الأمور بمسمياتها مع الجماعات الإرهابية الصفوية الموالية لإيران؛ والطابور الخامس المؤيد لهم أو الصامت عن إنكار أعمالهم؛ يسهم في تغلغلهم وانتشارهم واستقواء شوكتهم. أمن الوطن خط أحمر لن نقبل بالتهاون فيه. هناك من يسعى جاهدا لخلط الأوراق الأمنية بالطائفية؛ وهو عمل شيطاني يراد من خلاله إعطاء الإرهابيين فسحة للتمدد والاستقواء.
جميعنا في السعودية ضد الطائفية؛ ولكننا؛ في الوقت عينه؛ ضد أن يُستغل «رِهَاب» الطائفية كدرع حصين لحماية الإرهابيين وتمرير مخططاتهم.
يواجَه الوطن بتحديات أمنية كبرى على علاقة بإيران وجماعاتها الإرهابية؛ وهو ما يستوجب العمل بحزم وشفافية لمواجهة تلك الأخطار وفق القانون والتشريعات الأمنية؛ وفضح المتآمرين وعزلهم عن الوطنيين الشرفاء بغض النظر عن طائفتهم أو انتماءاتهم السياسية والمذهبية.