فضل بن سعد البوعينين
قد لا يرى البعض في «الجمارك السعودية» غير آليات التصدير والاستيراد ومرور المركبات؛ وهو جزء أصيل من عملها ولا شك؛ إلا أن خلف هذا التخصص مهام أكبر وأشمل مما يُعتقد. «الجمارك السعودية» من المؤسسات الحكومية الرئيسة ذات المهام المختلفة؛ والعلاقات المتشعبة التي يتداخل فيها الشأن الاقتصادي بالأمني والديني والمجتمعي. توفر «الجمارك السعودية» الحماية المتقدمة للوطن والمواطنين؛ الموجهة لإحباط عمليات تهريب المتفجرات؛ الأسلحة؛ المخدرات؛ المواد المحرمة؛ المغشوشة؛ المقلدة؛ والمضرة بصحة الإنسان وسلامة البيئة. جهود متميزة؛ ومضنية يقوم بها رجال الجمارك في المنافذ الدولية تضعهم في مواجهة دائمة مع المخاطر الكبرى؛ الناتجة عن ضبطيات تهريب الأسلحة؛ المتفجرات والمخدرات المرتبطة بالعصابات المنظمة.
شراكة «الجمارك السعودية» مع الجهات الأمنية وفي مقدمها «مكافحة المخدرات» حققت التكامل الأمثل في الجوانب الأمنية؛ وضبطيات المخدرات؛ الأسلحة؛ والمتفجرات. يوفر العمل الأمني الاستباقي المعلومات المهمة التي تقود رجال الجمارك نحو أهدافهم المحددة؛ خاصة في العمليات الأمنية الكبرى المرتبطة بدول مختلفة وعصابات دولية منظمة.
غالبية عمليات تهريب المخدرات النوعية يتم ضبطها في المنافذ البرية؛ ما يعني أن تكريس العلاقة بين مكافحة المخدرات والجمارك السعودية يقود دائما لتحقيق هدف حماية الوطن من أكثر المواد خطورة وتدميراً للمجتمع ومكوناته البشرية وفي مقدمه المراهقين والشباب.
المخدرات والمتفجرات من أدوات التدمير التي استغلها أعداء الأمة لمحاربتنا من الداخل. المملكة مستهدفة من تجار المخدرات، الباحثين عن المال، والهادفين للإضرار بالمجتمع وتدميره؛ ومستهدفة أيضا من منظمات الإرهاب والدول المارقة الساعية لتنفيذ عمليات إرهابية؛ ومحاربة الوطن من الداخل.
تُعلن وزارة الداخلية، باستمرار عن إحباط محاولات تهريب نوعية وضبط كميات كبيرة من المخدرات والمتفجرات.
لم يعد سرا أن تكون إيران مصدر المخدرات والمتفجرات المهربة إلى السعودية. تستغل إيران حدودها البحرية المفتوحة مع دول الخليج لنقل المخدرات والمتفجرات عن طريق البحر وإدخالها بغرض نقلها عن طريق البر إلى السعودية. جسر الملك فهد من المنافذ المفضلة لديهم لثلاثة أسباب رئيسة وهي؛ إمكانية تهريب الممنوعات عن طريق البحر إلى مملكة البحرين؛ وجود الجماعات الإرهابية الموالية لها والقادرة على التحرك بحرية بين الدولتين؛ كثافة تدفق البضائع والمركبات ما يجعلها غطاءً آمنا لها؛ والعلاقات المتميزة بين البلدين.
جسر الملك فهد كان مسرحا لأكبر عمليتي تهريب المخدرات والمتفجرات خلال عام تقريبا. يقظة رجال الجمارك؛ ورجال الأمن -بعد توفيق الله- جنبت البلاد والعباد شرورا لا يعلم مداها إلا الله. الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ أمير المنطقة الشرقية؛ أشار في استقباله وتكريمه منسوبي جمارك وأمن جسر الملك فهد؛ إلى أنهم حققوا إنجازين مهمين خلال عام واحد؛ الأول ضبط كمية هائلة من المخدرات قادمة من إحدى الدول عن طريق مملكة البحرين والثاني ضبط كمية كبيرة من المتفجرات. وأكد على «أن بلادنا دائماً مستهدفة من مروجي المخدرات أو من يحاول إدخال المتفجرات وبقية الممنوعات الأخرى»؛ وهو أمر بات أكثر وضوحا من حجم المخدرات ونوعية المتفجرات التي يسعى المهربون إلى إدخالها أراضي المملكة.
مرور أكثر من ستة ملايين مركبة سنويا؛ من خلال جسر الملك فهد؛ يضع تحديا كبيراً أمام الجمارك والقطاعات الأمنية الأخرى؛ وهو تحد يفرض على الجهات المسؤولة التعامل معه بكفاءة لتحقيق التوازن بين الضبط الرقابي؛ وانسيابية الحركة. وإذا ما أضفنا إلى ذلك تحدي الطاقة الاستيعابية للجسر التي تم تجاوزها بأضعاف مضاعفة يصبح الأمر أكثر صعوبة.
تطبيق النظام الآلي لتسجيل حركة دخول وخروج المركبات باستخدام بصمة السائق ولوحة المركبة أسهم في تسهيل المراجعة وعبور الشاحنات؛ في الوقت الذي دعمت فيه أجهزة المراقبة والتفتيش الحديثة انسيابية الحركة نسبيا؛ إلا أنها ما زالت تحتاج إلى تطوير أكبر يسهم في القضاء على تكدس المركبات والشاحنات. الحركة التجارية بين السعودية والبحرين يمكن أن تتضاعف في حال معالجة اختناقات الجسر وبطء الحركة.
الجهود الحمائية التي تقوم بها الجمارك؛ مكافحة المخدرات؛ والقطاعات الأمنية جنبت المملكة؛ بفضل الله؛ الكثير من المخاطر المدمرة؛ وحمت المنطقة الشرقية من عمليات تفجير خطرة ربما كانت موجهة لقطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات أو التجمعات السكانية. هؤلاء الرجال يستحقون التكريم والتقدير من الجميع ويستحقون الدعم المالي والتقني والبشري والتحفيز الدائم؛ وأحسب أن تكريم سمو أمير المنطقة الشرقية لهم يصب في هذا الجانب؛ وكل ما أرجوه أن تدعم «الجمارك السعودية» والقطاعات الأمنية المشارك معها؛ بالعناصر البشرية؛ والأجهزة التقنية الحديثة؛ والحماية الدائمة والتغطية التأمينية والتطوير الأمثل للمراكز الحدودية التي تشكل البيئة الدائمة لأعمالهم الرقابية.