د. أحمد الفراج
خلط الأوراق سلاح خطر، ويستخدم في العلاقات الدولية، والورقة الطائفية هي الورقة التي تلعب بها أطراف معروفة جيداً، وأعتقد أنه يجب علينا أن نتذكر أن من قام بالعمل الإرهابي الجبان، ضد إخوتنا في قرية القديح الوادعة، في محافظة القطيف، هو شاب تم حقن عقله الخاوي والناقم بأدبيات جعلته يتحول إلى قنبلة جاهزة يتحكم بها غيره، ولأهداف غير الأهداف التي تم تلقين هذا الشاب الساذج بها، فهذا المفجّر مجرد أداة تم استخدامها، ولا يراودني شك في أنّ هناك غيره يتم تجهيزهم لمهمات قذرة، ومماثلة، ومن الضروري أن يعلم من يعتاش على تأجيج الطائفية أنّ الخلية الإرهابية التي أعلنت وزارة الداخلية عن مسؤوليتها عن جريمة القديح، هي ذات الخلية التي قتلت رجال الأمن السنّة في مدينة الرياض، فالهدف هو جلب الفوضى، والإخلال بالأمن، ولذا لم تفرق خلية الإجرام بين جندي سني، يحمي أحد المواقع الإستراتيجية الهامة في الرياض، وبين مسلمين شيعة يؤدون صلاتهم المفروضة في قرية بالقطيف!!.
وحتى نكون في منتهى الوضوح، علينا أن نعترف بأنّ الخلاف بين السنّة والشيعة هو خلاف عميق، مع أنه لم يكن كذلك فيما مضى، فقد تزاملنا مع الإخوة الشيعة في المدارس والجامعات، وشخصياً لا زلت أذكر الصداقة العميقة التي جمعتنا مع إخواننا الشيعة في الولايات المتحدة، أثناء دراستنا هناك، ولا أذكر أن الانتماء الطائفي كان هاجساً، ناهيك عن أن يتحدث عنه أحد، ثم انظر إلى العراق الذي يسبح في حرب طائفية شرسة، منذ الاحتلال الأمريكي له، إذ لم يكن للطائفية فيه وجود قبل ذلك، لدرجة أنّ الجيش العراقي كان خليطاً من كل الأطياف، وكان الجنود السنّة والشيعة يحاربون العدو الخارجي جنباً إلى جنب، بل إنّ حالة التزاوج بين الشيعة والسنّة كانت شائعة في العراق، ثم تحول الأمر إلى أن يضطر السني إلى تغيير اسمه، خوفاً من القتل على الهوية، فالسياسة الطائفية التي انتهجها نوري المالكي في العراق آتت أكلها، ولا زالت تطحن العراق العظيم حتى هذه اللحظة، فالطائفية، إذا، سلاح يستخدمه طرف معروف، بهدف النفاذ من خلاله إلى مرمى الخصوم، ولكن هيهات!!.
مرض السرطان لا يعالج بالبنادول، بل يجب أن يجتث من جذوره وإلا مات المريض، وكلنا يعلم أن هناك متطرفين من الشيعة، يحرضون ليل نهار، ضد أهل السنّة، وهناك « دواعش ناعمون «، يحرضون ضد الشيعة، وقد أحصيت، بعد جريمة القديح، آلاف التغريدات والمقولات لأكاديميين ودعاة سعوديين، تتجاوز شتم الشيعة إلى الدعوة إلى التصفية!!، وبعضهم مشهور ومعروف!!، والمثير للسخرية هو أنّ هؤلاء الدواعش، ذاتهم، شجبوا جريمة القديح، وهم بهذا يذكرونني بالشخص المدخن، عندما يتحدث مع ابنه عن مضار التدخين، وبالتالي فإنّ الحاجة باتت ماسة لسن قانون « تجريم الطائفية «، وتطبيقه بكل حزم، فبمثل هذا القانون نقطع الطريق على من يستخدم الورقة الطائفية من جهة، ونساهم في حفظ الأمن من جهة أخرى، وأنا على يقين بأنّ من بيده ذلك أشد حرصاً مني على أمن الوطن، واستقراره، ولذا فإنني متفائل بصدور هذا القانون الذي تأخر كثيراً.