صيغة الشمري
منذ فجر التاريخ البشري لم تفلح حرب أهلية في حسم كفة النصر لصالح طرف دون آخر، جميع الحروب الأهلية داخل البلد الواحد خرج مشعلوها وقادة نيرانها بحقيقة واحدة ليس هناك غيرها، وهي أن جميع أطرافها خاسرون في نهاية المطاف، أسبروا التاريخ حرباً حرباً لن تجد حرباً أهلية أفضت إلى ما يحلم به القطيع الذين نذروا أنفسهم ودمعات أمهاتهم الثكلى تحت تصرف تجار الحروب الأهلية، وهم يتفسحون في الدول الأوروبية يبعدون أبناءهم عن مناطق الصراع ويزجون بأبناء الناس في لهيبها،
إن التفجير الإرهابي الجبان والغادر الذي نفذه مجرم في مسجد القديح في القطيف بين أجساد الغافلين والأبرياء، ليس إلا محاولة لإشعال نار فتنة الحروب الطائفية وتحويل مجتمعنا إلى غابة لا صوت فيها يعلو على صوت الكراهية والقتل والإجرام، وجرنا نحو هاوية من الفوضى لا يمكن تجاوزها أو معالجتها بسهولة، يريدون أن ننزلق كما انزلق بعض أهالي الدول المجاورة الذي سمحوا لبعض أصحاب العمائم من الطرفين ( سنّة وشيعة) أن يجرفوهم لحرب طائفية لا منتصر فيها ولا نهاية لها إلا بفناء إحدى الطائفتين، الفكر الإرهابي والأحداث الإرهابية في الشرق الأوسط تغذيها منذ الأزل الدولة الفارسية، وهذا ليس كلاماً جزافاً، بل تاريخ يعرفه الجميع خلال مراجعة بسيطة للأحداث الإجرامية التي تحمل مثل هذا السيناريو الانتحاري، قد قيدت وحفظت وكتب اسم المجرم وحفظ ملف القضية باسم الدولة الفارسية المجرمة، راعية وداعمة الإرهاب في العالم، المجرمون الذين يستبيحون دماء الأبرياء في دور العبادة والمساجد، لهم أهداف باتت واضحة ومكشوفة لا تمت للإسلام بصلة مهما تحدثت باسمه، لأنّ الإسلام أشرف وأكرم وبريء مما يفعله هؤلاء الإرهابيون بغرض إشعال الفتنة وجر المجتمع لحرب بين طائفتين والإطاحة بجدار الأمن، ونشر الفوضى والهرج والمرج، حتى يصبح الحال كما هو في دول مجاورة ترى الجثث على قارعة الشوارع بسبب القتل العبثي - لا سمح الله -، كل الأحداث الإرهابية التي تحدث في بلادنا تزيدنا قوة وتكاتفاً أكثر من ذي قبل من فضل الله، حتى يجد المجرمون الجبناء الذين نفذوا فعلتهم الفاجرة أنهم لم يحدثوا فتنة أو حرباً أهلية، بل الذي يحدث مع كل تفجير إرهابي، وقفة وطنية صادقة وتكاتف أكثر وجسد واحد يتداعى لكل عضو مصاب بالسهر والحمى، كلما نفذ الإرهابيون تفجيراً غادراً، وجدونا أكثر تلاحماً والتفافاً، كلما وجدوا أنه لا طائل مما يفعلونه حيث يحدث نتائج عكسية، إنها فرصة مناسبة لوضع قوانين تجرم وتمنع إثارة النعرات والطائفية وكل ما من شأنه زعزعة أمن واستقرار مجتمعنا، ووقف الخطاب التكفيري والإقصائي الذي ينسف مفهوم الدول ويهدم جمال التعايش وسماحة ديننا الحنيف.