علي الخزيم
تساءل الشيخ المُسِن أمام حفيده عن سر الفصل السابع بالذات ولماذا هو تحديداً دون فصول المدرسة الأخرى؟ وكان الشيخ قد جازف بالالتحاق بمحو الأمية حين من الدهر ويعرف أن هناك غرفاً تسمى الفصول في بعض المدارس وهذه أعلى خبراته التي اكتسبها من محاولات التعلم الفاشلة بسبب ضعف سمعه وبصره وربما (إدراكه) أيضاً، ولأنه مُوْلَع بتتبع أخبار بلده فهو يسمع جملة (الفصل السابع) في الآونة الأخيرة بكل النشرات الإخبارية التي بكل تأكيد لا يستوعب 99 % من مضامينها، حاول الحفيد شرح المسألة وأنها تتعلق بالنظام الأُمَمِي والقوانين الدولية، فما كان تعقيب الشيخ سوى جملة يُكرّرها غيره دون وعي بفداحة خطئها (خرابيط جرايد)، وكان من اجتهادات الفتى لإيصال المعلومات لجده محاولة تذكيره بالنجاحات الباهرة للدبلوماسية السعودية الخليجية العربية بمجلس الأمن الدولي لاحتواء الأزمة اليمنية والتأثير القوي والإقناع العقلاني للقوى العالمية بخطورة العبث الحوثي والمخلوع علي صالح وبالتالي استصدار القرارات الرادعة تحت الفصل السابع الذي يُجبر الأطراف المعتدية المنقلبة على السلطة الشرعية بالرجوع إلى رشدها أو استخدام القوة لتنفيذ هذه القرارات، واستعرض أمام الشيخ جهود المملكة بأوامر من القائد الهمام خادم الحرمين الشريفين ابتداء من هَبّة عاصفة الحزم، إلى أمره ـ حفظه الله ـ بتحمل تكاليف المعونة العاجلة للأشقاء باليمن بمبلغ 274 مليون دولار، إلى استعداد المملكة لتنفيذ مرحلة (اعادة الامل) لإعمار اليمن وتوفير الخدمات لمواطنيه بعد ما شهده من دمار على أيدي المفسدين من أبنائه من حوثيين مدفوعين بأطماع إيرانية حاقدة وحليفهم المخادع المخلوع، وحاول جاهداً تذكير الشيخ الطاعن بالسن المتعطش لفهم الحالة بأن الحلف العربي ضد العدوان والخروج عن الشرعية وكذلك مبادرات الملك سلمان لدعم اليمن بالمال بكرم وسخاء للعودة للحياة، وتحمل المملكة لهذه التكاليف الحربية لم يكن بدعاً من الأمر؛ فالعرب كثيراً ما تحالفت قبل وبعد الإسلام وأن رسول الهدى كان قبل بعثته وعمره عشرون عاماً قد شهد (حلف الفضول) الذي عقد بدار عبدالله بن جدعان القرشي بين عدد من عشائر قريش في ذي القعدة عام 590 م قيل أنه لإحقاق حق جحده عالي الشأن (العاص بن وائل)، وقيل أن السبب الرئيس للحلف هو أن قريشاً احسّت آنذاك بضعفٍ أمام القبائل فعَقَدت الحلف، وقال عنه المصطفى لاحقا: (لقد شهدت مع عمومتيلفاً في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت)، وضرب مثلاً لا يقل أهمية ذلكم حين عزم الرسول الأعظم على قتال الروم عام تبوك، وكان ذلك في زمن عُسْرة على الناس، فحضّ على الصدقات لتجهيز جيش العسرة، فكان أول من جاء أبو بكر بماله كله، وجاء عمر بن الخطاب يجود بمال وفير وتبعهم الصحابة الكرام كل بجهده، وهكذا وبعد لأي فهم الشيخ واقع الحال ودعا من كل قلبه (لولاة الأمر المخلصين ومن خلفهم) في كل البلاد العربية والإسلامية بالتوفيق.