عروبة المنيف
هي كلمه سعودية بامتياز وتعني «التهكم والسخرية»على الآخرين من باب الضحك والمزاح سواء كانوا أفراداً أم جماعات، وعادة يمارسها من يدعي «الفطنه والذكاء والفهلوه» أمام من يعتبرهم «طيبون وسذج».
«الطقطقة» أو فلان «يطقطق» على فلان يعني يستغل طيبته وسذاجته ليجعله «مسخرة» أمام الجميع مستعرضاً عضلاته في إبراز قدراته «الطقطقية»أمام الآخرين.
تنتشر تلك العادة «الذميمة» وتمارس بين فئات من المجتمع تفتقر للأسف إلى الأخلاقيات البديهية المتمثلة في احترام الآخر مهما كان جنسه أو لونه أو دينه أو مركزه أو قبيلته أو شكله أو أو ...
المفارقة العجيبة أن تلك الصفة الذميمة تؤخذ من باب المزاح وتلقى استحساناً من فئات مجتمعية يجدونها طريقة لائقة في الترفيه عن أنفسهم على حساب التقليل من قدر واحترام غيرهم «المطقطق عليهم» غير آبهين بأحاسيس وشعور الآخرين وفي الواقع هم غير آبهين بأحاسيسهم أصلاً لأنها متبلدة، وإلا كيف تسمح لي تربيتي وأخلاقي باستغفال من أمامي وجعله أضحوكة لغيره وأنا في كامل سعادتي!!!.
يشيع ممارسة «الطقطقة» في كثير من الأحيان من قبل المواطنين على الأجانب لعدم فهمهم مثلاً لبعض الكلمات المحلية أو لبعض العادات والتقاليد من باب التهكم والسخرية، أو تمارس أيضا على الأجانب الذين لا يفهمون العربية أصلاً فتأخذ «الطقطقة» في هذه الحاله منحىً تهكمياً مخجلاً فتصدر الكلمات غير اللائقة بالآخر على الإطلاق التي من الواجب احترامه وتقديره وإظهار حسن النوايا والأخلاق الرفيعة أمامه، وكأننا لم نتعلم ونطلع على مبادئ احترام الآخر أصلاً.
لقد انتشر مقطعاً للفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي لطفلين أحدهما سعودي والآخر بريطاني بعنوان «سعودي يطقطق على بريطانيين» يحاول فيه الطفل السعودي التهكم على البريطانيين واستغفالهم بإطلاق عبارات باللغة العربية غير لائقة من أجل إضحاك «ربعه» السعوديين طبعاً ما يشكل ظاهرة سيئة تنسب إلينا وتساهم في تشويه صورتنا أمام الأجانب المتمثلة في عدم احترام الآخر والتسامح معه.
إن غرزالمبادئ الأخلاقية منذ الصغر لا تكون بترديد آيات قرآنية أو أحاديث نبوية نحفظها عن ظهر قلب ولا نفقه عظيم معناها، بل يجب الذهاب إلى أبعد من ذلك بشرح تأثيراتها وفوائدها الأخلاقية على الشخص نفسه وعلى مجتمعه ووطنه وقدرة تلك المعاني القرآنية في تأليف القلوب ونشر قيم المحبة والرحمة والتسامح والاحترام المتبادل بين الناس بأطيافهم المختلفة، فالآيه رقم 11 من سورة الحجرات تنهي عن التهكم والسخرية بالآخر وبأسلوب واضح يدعو إلى التعمق في فهم أبعادها المجتمعية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (11) سورة الحجرات
صدق الله العظيم.