عروبة المنيف
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار مؤخراً بحادثة «صفعة أم عبدالله» والعلقة التي تعرضت لها من قبل أحد المواطنين حتى وصلت إلى أعلى المستويات وطلب الأمير خالد الفيصل فتح تحقيق في موضوع «الصفعة» الحدث.
الحكاية وما فيها أن امرأة «باسطة» تعرضت للصفع من قبل أحد «الباسطين» في أحد أسواق «البسطات» في جدة بسبب تعديها على موقع «بسطته» التي» يبسط «بها» لباسطات «إفريقيات يعملن لحسابه، فكيف تتجرأ تلك «الباسطة «وتتعدى على موقع «بسطته» المخصصة «للباسطات» المستأجرات.
تفاعل المجتمع الإلكتروني لمدة يومين مع ذلك الحدث, قضية «المرأة الباسطة المصفوعة», وأن هذا التعرض المشين للمرأة «الباسطة» دخيل على المجتمع السعودي الذي يحترم المرأة كما أكد مدير العلاقات العامة والإعلام بإمارة مكة المكرمة وذلك عندما خصص البرنامج التلفزيوني الثامنة لداوود الشريان جزءاً من الحلقة لمناقشة قضية «المرأة الباسطة المصفوعة».
الإشكالية أن محور القضية كلها كان منصباً على الحدث نفسه وهو «الصفعة»، أما تداعيات وأسباب تلك الصفعة فلم يتعرض لذكرها أحد وكأن هناك نظاما محكما خفيا في «إدارة البسطات» في بلادي تم كسره والتعدي عليه، فكيف لها أن تستولي على مكان «بسطته» إذا كان لديه إذناً من البلدية باستغلال ذلك الموقع تجارياً وعرض بضاعته فيه؟
المؤسف أن قضية «بسطات النساء» نوقشت قبل سنتين وكانت محل ملاحقة البلديات حيث استضاف برنامج الثامنة أيضاً آنذاك مجموعة من «الباسطات» اللواتي شرحن معاناتهن من جراء تلك الملاحقة وتحدثن عن مدى حاجتهن لهذا المورد من الرزق لهن ولمن يعلن فقد صدر بعد تلك الحلقة قرار من وزير الشؤون البلدية والقروية آنذاك بعدم التعرض «لبسطات النساء»..
جميعنا يدرك أن تلك «البسطات» هي واجهة سيئة للبلد قبل أن تكون مصدر إزعاج للسلطات والبلديات، والقضية هنا تأخذ أبعاداً أكبر لأنها تخص النساء، فكيف نوطن هؤلاء النسوة في محلات أو أكشاك خاصة بهن ونكرمهن ولا ندعهن يتلقين الصفعات ممن هب ودب. فإذا كنا نحترم المرأة كما صرح مدير العلاقات العامة والإعلام بمكة المكرمة، فلنعاملها بعدل وإنصاف ونوفر لها مكانا يحفظ لها كرامتها لتقتات منه هي ومن تعول وبنفس الوقت نرفق بحضارة ورونق هذا البلد ورقيه وهيبته. فكما توفر وزارة الإسكان مساكن للضعفاء من الشعب، لتتحرك البلديات أيضا وتوطن هؤلاء «الباسطات» الضعيفات في محلاتهن بطريقة منظمة ولائقة، ليس من أجل هؤلاء النسوة فقط (وهو مطلب ملح) ولكن من أجل مظهر البلد ورقيه، فلا يعقل أن تشوه تلك الصور المؤذية المظهر الحضاري للمملكة كدولة نفطية غنية ذائعة الصيت.
لطالما كان عمل المرأة مؤرقا لرجالها بسبب قضية الاختلاط مما جعلنا ندخل في متاهات لا حصر لها تتعلق بالحاجة والكرامة والعوز على حساب الوهم الذي يدعونه الاختلاط الذي أسيء فهمه وتم مصادرة فكر على حساب فكر متشدد لا يرى من خلاله سوى مصالحه وقوة هيمنته..