عروبة المنيف
لم يكن لدى الشعب السعودي أدنى شك بتحقيق عاصفة الحزم أهدافها وحسم المعركة، فقد باتت بوادر الانتصار جلية ولا سيما عند الظهور المرتبك لرئيس الحوثيين وهو يتلعثم وعلامات الهلع والخوف بادية عليه، لتعلن قيادة التحالف بعد يومين من ظهوره انتهاء
عاصفة الحزم وإتمام مهامها بنجاح. لقد بدأ يتبادر إلى الذهن تساؤلات كثيرة بفترة ما بعد هدوء العاصفة، فالجميع يدرك حجم الخيانة التي ارتكبها علي عبدالله صالح في توظيف الأموال السعودية من أجل شراء الأسلحة والذخيرة، وذلك لمواجهة الدولة التي مدت له يد العون والمساعدة وأنقذت حياته من موت وشيك، وفي الوقت نفسه حرمانه الشعب اليمني من تلك الأموال المخصصة للرفع من مستوى معيشته، معبراً أشد التعبير عن المثل القائل «اتق شر من أحسنت إليه».
تعد تلك المخازن من الأسلحة والذخيرة قنبلة موقوتة بأيدي أبناء اليمن المتهورين، وما يزيد الوضع سوءاً أن غالبية اليمنيين يملكون الأسلحة ويحتفظون بها في بيوتهم، فمرحلة ما بعد العاصفة من أكثر المراحل أهمية من أجل إنقاذ اليمن حتى لا يقع في مستنقع الحروب الأهلية التي عصفت بالدول العربية المجاورة بعد اضطرابات سياسية مشابهة، وخصوصاً أن حيازة أبناء اليمن للسلاح بين ظهرانيهم يشكل أكبر خطورة عليه، ولا يخفى علينا التساهل مع حزب الله في حيازته السلاح بعد الحرب الأهلية اللبنانية حتى صار دولة داخل دولة مهدداً أمن وطنه وجيرانه..
من البديهي أن يكون الأمن القومي اليمني مسؤولية جماعية أكثر من كونه مسؤولية فردية تقع على عاتق دولة واحدة أو دولتين، إنه مسؤولية دول التحالف في العاصفة. ومن الأهمية بمكان تأمين الاستقرار لليمن ولدول الجوار وعلى رأسها السعودية.
لقد شكل اليمن للسعودية منذ تأسيسها جاراً مزعجاً، مؤرقاً، تلوكه القلاقل والاضطرابات والفقر والبطالة، يعاني من المشكلات الداخلية نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة عليه، وقد توج ذلك الفشل بانتفاضة شعبية ضد حكم علي عبدالله صالح الذي أجهز على مقدرات الشعب اليمني وأنهكها. إن قدر السعودية مجاورة بلد يعاني من اضطرابات مستمرة يهدد استقرارها بدءاً من تهريب العمالة غير النظامية وانتهاءً بتصدير الاضطرابات وتهديد الأمن السعودي..
لن يكفي إعمار اليمن بعد الدمار الذي لحق به، فتبني هذا البلد «غير السعيد «وانتشاله من كبواته أصبح مطلباً مؤرقاً للسعودية، فلو فرضنا أن لديك جاراً مزعجاً لا تستطيع إخراجه من بيته، فما عليك سوى التصالح معه ومحاولة الارتقاء به ليستطيع مجاراتك اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتنموياً. لقد أغرق صالح اليمن في مستنقعات البؤس، وانتشاله من تلك المآسي يتطلب تبنيه، فقد استكثر عليه حاكموه لقب «السعيد» ليقلبوه إلى «تعيس».
نعود لحماية اليمن لما بعد العاصفة، إنها مسوؤلية دولية إقليمية عربية خليجية وليست سعودية فحسب، فتضافر الجهود ضروري من أجل دعم الجيش اليمني ليكون ولاؤه لليمن، ويتزامن ذلك مع إعادة الإعمار الذي يجب إعادة النظر بآليات الدعم اللازم للإنفاق على الإعمار، فبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والمرافق والبنية التحتية يجب أن تتم بإشراف خارجي سواء سعودياً أو دولياً من أجل إدارة أموال الدعم الخاصة بإعمار اليمن بطريقة صحيحة حتى لا تأخذ طريقها لتدمير البلد وتمويل الإرهاب بدلاً من إعماره. لابد أيضاً من الأخذ في الاعتبار في مرحلة لاحقة ضم اليمن لدول مجلس التعاون الخليجي كمطلب أمني للطرفين السعودي واليمني، ومكسب قومي عربي، وخصوصاً أن اليمن يتمتع بقوة عمالية كبيرة تحتاج لها دول المجلس الأخرى وفي الوقت نفسه ترفع من مستوى المعيشة لليمنيين أنفسهم. إن ضم اليمن لمجلس التعاون الخليجي مستقبلاً سيسهم في دعم التضامن والتعاون العربي ويعيد للقومية العربية جزءاً من وهجها واعتبارها.