جاسر عبدالعزيز الجاسر
كيف يمكن القضاء على دويلة داعش والإرهاب الطائفي يوسع في حدودها.
مواجهة داعش وبالذات في العراق يشارك فيها العديد من الجهات والأطراف إلا أن هذه المواجهة تفتقر إلى المصداقية والصدق والتنظيم المبني على قيادة موحدة تلتزم جميع الأطراف بتنفيذ ما تضعه القيادة من خطط للقضاء على هذا التنظيم وإزالة كل أسباب وجوده والمسببات التي تساعد على بقائه ونموه.
في العراق نموذج لفوضى التصدي لتنظيم داعش، على مسرح العمليات أربع جهات تحارب داعش، قوات الحكومة العراقية من قطاعات الجيش العراقي ووحدات الشرطة الاتحادية والمحلية، ومليشيات الحشد الشعبي الذي أصبح تنظيما مليشياويا شبه مغلق على مقاتلي مكون واحد يحظى بدعم مزدوج من قبل الحكومة العراقية التي تزوده بالسلاح والمعدات وتخصص لعناصره الرواتب رغم عدم تنفيذهم لتعليمات رئيس الحكومة الذي هو القائد العام للقوات المسلحة التي اعتبرت مليشيات الحشد الشعبي خاضعة لإدارة مكتب القائد العام، إلا أن الحقيقة وهو ما أكدته الأحداث التي أعقبت معارك ديالى وصلاح الدين، أن هذه المليشيات تدار من قبل جهات أخرى حيث يتحدث المطلعون عن خفايا هذا التنظيم الطائفي بأنه تجميع للمليشيات الطائفية بإدارة إيرانية من قبل ضباط في الحرس الثوري الإيراني بواجهة لرموز مليشياوية ومذهبية كهادي العامري قائد مليشيات البدر، وخضير الخزعلي المنشق على مليشيات المهدي التابع للتيار الصدري والمنشئ لما يسمى بأنصار الحق، وتحظى هذه المليشيات بدعم غير محدود من قبل نظام ملالي إيران الذين يعتبرونها الذراع العسكرية لهذا النظام في العراق، وأنهم أكثر ولاء لهم، وأن ارتباطهم بطهران أكثر من بغداد، ولهذا فإنهم يحصلون على الأموال والأسلحة من الإيرانيين الذين يقودون معاركهم من خلال ندب كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني، وقد شوهد كبير جنرالات الحرس الثوري قاسم سليماني أكثر من مرة في جبهات العراق القتالية مستعرضاً قواته الطائفية بأسلوب استفزازي وسط تأكيدات إيرانية بأن مليشيات الحشد الشعبي وبالقيادات الإيرانية هي التي حققت الاختراقات الأخيرة في المحافظات العراقية التي كانت يسيطر عليها داعش، في إشارة إلى عدم كفاءة القوات العراقية العسكرية وتبجح بالدور الإيراني الذي رجح كفة النظام العراقي الذي عليه أن (يثمن) المشاركة الإيرانية في التصدي لداعش.
القوة الثالثة التي تتصدى لتنظيم داعش في العراق هم العشائر العربية وهم أبناء المحافظات ومدن المحافظات العربية السنية، وهؤلاء يشكلون كتلة قتالية كبيرة وذات قدرات عالية في المهارة القتالية والمعرفة بجغرافية المعارك وكثرة أعداد أبناء العشائر الذين كانوا المخزن البشري للجيش العراقي السابق منذ عهد الاستقلال إلى أن حل الأمريكيون هذا الجيش الذي كان يعد واحدا من أقوى القوات المسلحة في المنطقة، إلا أن هؤلاء المقاتلين المتمرسين وأصحاب المصلحة الرئيسية في تحرير محافظاتهم ومدنهم من داعش وإجرام عناصره الذي انصب على هؤلاء الذين لا يحتاجون إلا إلى أسلحة نوعية مشابهة لما يتلقاه الحشد الشعبي، إلا أن الحكومة العراقية تتلكأ عن دعم هؤلاء الذين بحت أصواتهم وهم يطالبون النجدة من حكومة بلادهم.
القوة الرابعة وهي قوات التحالف الدولي التي تقودها أمريكا التي خفضت كثيراً من دعمها للقوات العراقية ومشاركتها في قتال داعش خاصة في المواجهات التي تشارك فيها مليشيات الحشد الشعبي بسبب قيادة هذه المليشيات من قبل ضباط إيرانيين.
هذا التنوع الذي يصل إلى حد التناقض أربك الأوضاع في العراق وجعل تنظيم داعش يستعيد تقدمه وخوض مبادرات عززت تواجده في العراق، وزاد من تخلي الكثيرين من مواجهة داعش، عمليات الانتقام والإرهاب الذي نفذته مليشيات الحشد الشعبي في المناطق التي غادرها داعش من حرق لمنازل المدنيين وقتل كثير من العرب السنة مما جعل أهالي المحافظات العربية السنية أنهم لم يتحسروا على تواجد داعش، ورفض قتالهم بوجود مليشيات الحشد الشعبي التي تنفذ أجندات النظام الإيراني الذي يكن أنصاره في العراق الحقد والكره للعرب السنة، ولذلك وحتى يمكن معالجة تواجد الحشد الشعبي الذي تحول إلى حشد طائفي موجه إلى العرب السنة أكثر من انشغاله بمواجهة داعش.