أحمد محمد الطويان
يسأل الإعلام الإيراني في ضاحية بيروت الجنوبية، لماذا تهتم السعودية بأمر الشرعية في اليمن وهل كل ما قامت به السعودية من أجل هذا الهدف؟
نعم، تريد السعودية أن تعيد الشرعية لليمن، بمعنى أنها لن تقبل بأي حال من الأحوال أن تعيش في خاصرتها دولة فاشلة ممزقة يتولى أمرها اتباع مرشد نظام طهران.
كما لن تقبل بأن يستمر الازعاج والإرهاب على حدود طويلة تمتد حوالي 2000 كيلو متر، ولن تبقي السلاح المؤثر بأيدي العابثين من الحوثيين وغيرهم دفاعًا عن نفسها وعن شعب يثق بالسعودية ويعتبرها العضد والسند، ولم تقم السعودية بهذا العمل لوحدها بل بمشاركة دولية من خلال تحالف لم يلتئم مثيله خارج القيادة الأمريكية خلال السبعين عامًا الماضية.
اليمن دولة نظامها السياسي عاجز ومكبل وكان لسنوات طويلة لاعبًا مع لاعبين آخرين في مشهد يسوده الأكثر استعمالاً لما يمكن تسميته بـ»الفهلوة السياسية» بسقوط صالح أخلاقيًا بعد سقوطه سياسيًا انكشفت أوراق مخفية من زمن اللا دولة، ذلك الزمن الذي خدم الميليشيات والعصابات على حساب الدولة، وأعطى الأرضية الصلبة التي تزداد صلابة بالفوضى وانعدام السيطرة الحكومية لعصابات الحوثي والقاعدة، ثم جاء هادي ووقف في وجه العاصفة وحيدًا.. في بلد ليس للسلطة الحاكمة فيه لا سلطة ولا حكم، ولا توجد كعكة شهية لأصحاب الغايات من عملاء الولي الفقيه المزعوم مثل هذه الكعكة، لتكون ميليشيات الحوثي سلطة بالأمر الواقع، وكانت كما أعرف من معلومات شبه مؤكدة تحاول الوصول إلى عواصم الخليج وقدمت التنازلات لتحظى بالاعتراف والشرعية.
أي شرعية تلك التي حاول الحوثي تسويقها؟
وكأنه يحاول تغطية الشمس بيده الملطخة بالدماء والدسائس والمتنجسة بالبيعة والارتهان للأسياد في عاصمة الدولة الموغلة بالوحشية والعنصرية والإجرام.
كان يسعى الحوثي إلى إعادة إمامة «مشوهة» ظاهرها زيدي وباطنها إيراني، وكما ضحك على الزيديين الكرام في اليمن باسم الدين طوال السنوات الماضية من خلال التحريف والقص واللصق، أراد واهمًا أن يضحك على الجيران الأقوياء باسم المصالح السياسية، ولو بقي الحوثي يمنيًا صادقًا مهما كان معتقده ربما وجد من يمد له اليد، ويقبله في الداخل والخارج شريكًا موثوقًا، ولكنه ليس أكثر من أداة وليس أكبر من مرتهن.
المجتمع الدولي يرى ويسمع، ويعرف جيدًا أن الإرهاب اسم واحد جامع لكل عمل إجرامي قولاً أو فعلاً، ولا تمييز بين القاعدة ومن يتسمون بأنصار الله، ولكن الولايات المتحدة للأسف من خلال إعلامها لديها حسابات أخرى، والسيد أوباما الحريص على تحقيق إنجاز في نهاية فترته الرئاسية يتمثل في تحقيق الاتفاق مع إيران لا يريد أن يضيع مجهوداته في وقفة قوية ضد الباطل حتى ولو على حساب أصدقاء الولايات المتحدة، نعم، يتحدث الساسة الأمريكيون بلسانهم أنهم يشعرون بقلق من الحوثي ويتفهمون الإجراءات المتخذة، ولكن الإعلام الأمريكي الذي لا أفصله كله كثيرًا عن المطبخ السياسي في واشنطن يظهر بصورة سيئة متأثرًا بالدعاية الإيرانية، ولكن لن يستمر ذلك طويلاً، فالمصلحة الأمريكية مع الأصدقاء الحقيقيين الذين يعرفون منطقتهم جيدًا ويحترمون القانون الدولي والأعراف الدولية في كل خطوة يقدمون عليها، والرهان الذي نشتم رائحته في الإعلام المسيء خاسر، وهناك فرق بين من لا يعرف ومن لا يريد أن يعرف.
اليمن ستصحو على صبح جديد ذات يوم، ولن يأتي هذا الصباح دون حوار سياسي فعال وجاد يؤسس لدولة جديدة، وإذا اعترف الحوثي بأنه جزء من كل، وليس الكل في الكل، يمكنه أن يشارك في بناء اليمن من جديد، وعلى أسس واضحة تعترف بالشرعية والدولة الوطنية.
ليست مشكلة أن تكون حوثيًا تتبع توجيهات السيد بدرالدين الحوثي ومدرسته الفقهية إذا صحت التسمية، بالرغم من انحرافها الذي يؤكده علماء الزيدية، لكن المشكلة أن تحمل السلاح وتهدد وتكون تحت امرة دولة أخرى تفسد من خلالك كل جميل في بلدك، وتعتدي على جيرانك بكل إجرام، أما علي صالح عاد إلى موقعه الذي يليق به، زعيم عصابة منتهية وبائدة... المشكلة في اليمن والحل هناك أيضًا.