أحمد محمد الطويان
مؤسس السعودية الحديثة «الدولة الثالثة» الملك عبدالعزيز (رحمه الله) أصدر أمراً سامياً برقم 3703 في 25-9-1371 الموافق 18-6-1952 عكس طريقة حكم الملك عبدالعزيز وأسلوبه في الادارة، واختصر هذا الأمر جانب العدل والقرب من الناس والاستماع إلى شكواهم والتي تميزت بها إدارته للدولة في كل فترة حكمه «رحمه الله» وجاء في هذا الأمر أنه لا يميز بين أحد من رعيته ولا أحد فوق النظام مهما علت مرتبته أو مستواه الاجتماعي أو الوظيفي.
كما جاء في الاعلان التاريخي للملك المؤسس والذي كان معلقاً أيضاً في مدخل الحرم النبوي الشريف بحسب المؤرخين سنة 1952 «على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلما وقع عليه، أن يتقدم إلينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا.
وعلى كل موظف بالبريد أو البرق أن يتقبل الشكاوى من رعيتنا، ولو كانت موجهة ضد أولادي أو أحفادي أو أهل بيتي. وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحد أفراد الرعية عن تقديم شكواه - مهما تكن قيمتها - أو حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها؛ إننا سنوقع عليه العقاب الشديد، لا أريد في حياتي أن اسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم أو استخلاص حق مهضوم»
يتضح لقارئ تاريخ المؤسس عبدالعزيز أنه كان قريباً من شعبه، لأنه يعتبرهم اخوة وأبناء ورفاق، ويعرفهم جيداً ويعرف أسرهم، فالأسرة المالكة السعودية من نسيج المجتمع، وأسرة أصيلة في أرضها وليست طارئة أو وجدت بالصدفة، وحكمها بدأ في الدرعية قبل تأسيس الدولة السعودية الأولى وعندما تأسست الدولة السعودية الأولى في عام 1744م وطدت قيم الحكم الأصيلة التي بنيت عليها الدولة الثانية والثالثة، أسرة بهذه العراقة وحكم بهذه القيم لا يجعلنا نستغرب استمرارية النهج من الإمام محمد بن سعود وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز.
قيام الدولة السعودية الحديثة على يد الملك عبدالعزيز «رحمه الله» أسس لما يمكن تسميته ثقافة الحكم السعودي، وهي الأسلوب السياسي الحديث، الذي يتوافق مع القيم الأصيلة التي استمدت من الشريعة الاسلامية، ومعها سياسة حديثة استفادت من التطور في مختلف المجالات، أبناء عبدالعزيز لم يغيبوا عن مجلس والدهم ومطبخ السياسة في الديرة والمربع، وكانوا حاضرين ومستفيدين من كل صغيرة وكبيرة في مجلس الحكم، كان من البارزين ابنه الملك سلمان، بقربه من والده، واهتمامه بحكم ثقافته وإطلاعه بفلسفة الحكم عند الملك عبدالعزيز، وكان المطلع على كل التفاصيل، وأصبح بعد رحيل والده الملك المؤسس، المرجع في تاريخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والعالم بمنهج الحكم السعودي، والمؤرخ للدولة السعودية،، في عهد سلمان يحضر عبدالعزيز في شخصية الملك الذي يعتبر من أكثر الأبناء شبهاً به، وعبدالعزيز لم يغب بالطبع عن أي عهد من عهود أبنائه الراحلين «رحمهم الله» لكن الحضور في هذا العهد أكثر بالنظر للشبه الكبير في الشخصية، ولتأثر الابن سياسياً بوالده ومعرفته المتبحرة بثقافة الحكم التي أرساها المؤسس.
سلمان بن عبدالعزيز في مائة يوم حقق الكثير من الإنجازات، وهي البداية، وظهر للجميع بأن دولة عبدالعزيز «الحازمة العازمة الظافرة بإذن الله» لا تعطلها التحديات ولا تحرفها العواصف السياسية، بل وقفت بحزمها في وجه كل من أراد المنطقة بسوء، ليس بالكلام والشعارات، بل بالفعل والعمل، ورفعت سيفها بوجه من يتحداها، وقضت على التهديدات ببسالة مشهودة، دولة عبدالعزيز في عهد سلمان شهدت ترتيبات مهمة على مستوى مقاليد الحكم، ودخل أحفاد عبدالعزيز الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في الصف الأول بولاية العهد وولاية ولاية العهد، وبايعهم الشعب السعودي والأسرة المالكة التي وقفت خلفهم بوحدة وقوة وتعاضد، وفي المائة يوم الأولى عوقب أمير لتصرفه المشين علناً، وأقيل وزير لإساءته لمواطن وأقيل مسؤول بمرتبة وزير لإهانته مصورا صحافيا، وتعديلات وزارية وضعت الثقة في وزراء مؤهلين ومنتجين، ومجلسين رئيسيين يرسمان السياسات الأمنية والخارجية والتنموية والاقتصادية.
دولة عريقة وقوية تتجدد وهي راسخة ومتطلعة للغد بكل ثقة ومحور اهتمامها مواطنها المخلص، ورسالتها الدينية،، وعروبتها التي تصونها في كل عمل تقوم به.. سلمان بن عبدالعزيز حكم فعدل فأمن ولم ينم، ساهراً لخدمة دينه وشعبه ومعه سيفان شامخان يحفظان في ظل القائد أمن الدولة واستقرارها.