د.دلال بنت مخلد الحربي
يفد إلى المملكة من وقت إلى آخر باحثون أجانب من دول شرقية أو دول غربية لعمل دراسات عن المملكة في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية وغيرها, وحضور هؤلاء الباحثين الذين يقطعون مسافات طويلة ويقضون أياماً وأحياناً شهوراً في المملكة: يبحثون وينقبون ويقابلون أشخاصاً، بل إن بعضهم يعيش مع أسر سعودية ليتفهم جيداً البيئة الاجتماعية.
وعمل هؤلاء ملفت إذ تحفهم الجدية والإصرار والتكيف السريع من أجل الحصول على المعلومات الصحيحة, وتبرز مهمة هؤلاء الباحثين في تنقية معلوماتهم خاصة إذا ما قدمت لهم معلومات خاطئة في إصرار عجيب للحصول على صحة المعلومة؛ سعياً دؤوباً لخدمة بلادهم وخدمة قضاياهم البحثية.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن الكثير منهم يتجه إلى إجادة اللغة العربية حتى يستطيع أن يقرأ بها ويتحدث بها أو يتفاهم مع من يلتقي بهم، وهنا تبرز الجدية فيما يقومون فيه، ويظهر الإصرار والإخلاص في العمل والسعي بقوة للتغلب على كل الظروف التي قد تحبط الإنسان وتدفع به إلى التخلي عن العمل الجاد الذي يقوم به.
وهذه النماذج لا تقتصر على الباحثين الغربيين بل هي متوفرة في الباحثين الشرقيين, وأتحدث هنا عن نموذج لباحثة يابانية وهي الدكتورة نامي تسوجينامي التي تدرس في جامعة طوكيو والتي ركزت على قضايا المرأة في المملكة والمنطقة العربية, وسعت منذ سنوات إلى القيام بدراسات متعددة وكانت تحضر من بلدها اليابان إلى المملكة رغم المسافة الطويلة, وتقيم أشهراً وأياماً وهي تبدي الحماس الشديد لما تقوم به ولا تترك فرصة للتعرف على أطياف المجتمع والاختلاط بهم، وكل ذلك بروح متحفزة وحماس لما تقوم به، إضافة إلى ما تبديه من سرور وسعادة أثناء إقامتها في الرياض, وإصرار على استمرار صلتها بالمملكة لاستكمال الدراسات التي تؤهلها لتصبح متخصصة بارزة في قضايا المرأة في المملكة العربية السعودية ولتكون ممن يستشارون في اليابان في هذه الموضوعات، ولتقدم أيضاً مادة علمية جيدة لطلابها ولطالباتها في جامعة طوكيو.
وما «نامي» أو «نعيمة اليابانية» كما تطلق على نفسها إلا نموذج من نماذج كثيرة تظهر كيف تبني الجامعات الكبرى باحثيها وكيف تصرف عليهم, وكيف تدفع بهم إلى تحقيق أبحاث مميزة تستفيد منها الجامعات ومراكز البحوث في الدول التي ينتمون إليها.
ما أتمناه أن نصل إلى هذه المرحلة في قادم الأيام بحيث يتوجه الباحثون من المملكة إلى دول العالم لدراسة المجتمعات ودراسة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يقدم لنا الفائدة فيما نسعى إليه من نهضة علمية وثقافية.