إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ(الجزيرة):
يعيش الاقتصاد السعودي في الوقت الحاضر حالة من الريادة بالقطاع غير النفطي، حيث وصلت قيمة الصادرات غير البترولية بنهاية عام 2014م 218.4 مليار ريال مقابل 202.4 مليار ريال خلال 2013م, بمعدل نمو قدره (7.9%)، في حين كانت قيمة هذه الصادرات لا تتجاوز حوالي 21.2 مليار ريال عام 2005م، أي أنها حققت معدل نمو بنحو (930%) خلال فترة لا تزيد عن عشر سنوات، وهي ثمار صافية لنجاح مجهودات كبيرة بذلت وتم تخطيطها على المدى الطويل للتنويع الاقتصادي.
وتتضح جهود التنويع بالاقتصاد السعودي حالياً، في سياق وصول حجم الإيرادات من الصادرات غير البترولية إلى حوالي 115 مليار ريال، وهي باتت قادرة على تغطية نسبة هامة من إجمالي الإنفاق الحكومي بالميزانية السعودية، وبالكميات بلغ الوزن المصدر للصادرات غير البترولية خلال عام 2014م حوالي 51 مليون طن مقابل 49 مليون طن خلال عام 2013م. وتتصدر الصادرات البتروكيماوية قائمة صادرات المملكة غير البترولية، بنسبة مشاركة بلغت في عام 2014م حوالي 141 مليار ريال، وبنسبة مشاركة تقدر بنحو 65.0% من إجمالي الصادرات غير البترولية.
وتتمثل الصادرات البتروكيماوية في قسمين رئيسيين، هما: اللدائن والمطاط ومصنوعاتها، ومنتجات الصناعات الكيماوية وما يتصل بها.. وهذان القسمان أصبحا رياديين بالمملكة، وينمو القسم الأول منهما «اللدائن» نمواً سريعاً وملفتاً للنظر.
وتضخ المملكة منذ سنوات تقريباً استثمارات ضخمة في قطاع البتروكيماويات، تقدر بنحو 150 مليار دولار لتحويل أكبر قدر من المنتجات المعدنية الخام إلى منتجات بتروكيماوية مصنعة. وتشير التصريحات الرسمية إلى أن المملكة تستهدف في العام المقبل (2016م) إنتاج المملكة حوالي 115 مليون طن من المواد البتروكيماوية، والمواد الكيماوية، والبلوريمات، أي استهداف نمو قدره 250% منذ عام 2006م، فضلاً عن احراز نموا بنسبة 230% في إنتاج الإيثلين وبنسبة 300% في إنتاج البروبلين.
وفي ضوء هذه الخطط الاستثمارية، من المتوقع أن تتضاعف قيمة الصادرات الكيماوية والبتروكيماوية لكي تناهز حوالي 282 مليار ريال في نهاية عام 2016م، بما يتوقع أن يسهم في رفع قيمة الصادرات غير البترولية من 218.4 مليار ريال في 2014م إلى حوالي 365 مليار ريال في نهاية 2016م .. وحيث إن المملكة بدأت تخطو خطوات حثيثة نحو كبح جماح التضخم من خلال تبني سياسة انكماشية للحد من تواصل الارتفاع المستمر في مستويات الأسعار، الأمر الذي يتوقع أن يجمد حجم الإنفاق الحكومي عند المستويات الحالية خلال الثلاث سنوات المقبلة، بحيث توقع عدم تجاوزه لنحو 860 مليار ريال، فإن الصادرات غير البترولية مدعومة بنمو الصادرات البتروكيماوية ستكون قادرة على تغطية ما يناهز النصف في إجمالي الإنفاق الحكومي العام، وهذا ثمرة صافية للتنويع الاقتصادي.
وتتجه الأنظار دائماً، لقدرة القطاع غير النفطي على تغطية أي فجوة محتملة في تراجع مساهمة القطاع النفطي الذي تنتابه دورة نزول حالياً بما يمثل حصانة ضد الارتباط بمتغيرات خارجية لا تقع تحت سيطرة صانع القرار المحلي.. إلا إنه، وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك حالة من التفاؤل بدأت تطفو على السطح باستعادة القطاع النفطي لإنتعاشه، وخاصة في ضوء بدء خروج الاقتصاد العالمي من كبوة الركود الذي أصابه خلال العامين الأخيرين، وهنا الحديث عن تراجع معدلات النمو في الدول ذات الكثافة السكانية والتنموية. وينبغي عدم إغفال أن العالم لن يستطيع العالم الاستغناء عن النفط العربي سواء بأسعار مرتفعة أم منخفضة. كما أن أطرافاً دولية عديدة لن تقبل بتراجعات جديدة للأسعار العالمية للنفط بأكثر من المعدلات الحالية، لأن ذلك سيضر بمصالحها الحيوية، وخاصة أن النفط يباع حالياً عند مستويات أسعار تمثل الحد الذي لا يمكن النزول عنه «البوردة» لكي يتم الإنتاج في كثير من الحقول الجديدة أو النفوط حديثة العهد بالسوق. لذلك، فإن الأسعار العالمية جاءت بآخرها ويمكن أن تتذبذب حيال النقاط الحالية، وإذا كانت من ثمة توقعات، فهي توقعات بالصعود أكثر منها توقعات بالهبوط.
لذلك، فإن المخزون النفطي بالمملكة الآن يلعب دور الاستقرار المستقبلي، لأن الإنتاج المحلي أصبح أكثر استقراراً، والأسعار العالمية الحالية وازنت بين احتياجات الأجيال الحالية والأجيال المستقبلية.. بل هي وازنت معدلات النضوب لكي تكون في صالح الأجيال المستقبلية .. إنها دورة حياة النفط، والتي هي تسير في صالح التنمية المستدامة للاقتصاد الوطني وللمجتمع المحلي بالمملكة.