رقية الهويريني
شعرت بالحرج والحنق والقهر بعد استماعي لفتوى إمام مسجد بعد انتهائه من الصلاة، وشروعه في الوعظ! وقد استغل بعض العامة ذلك وراح يسأله عن جواز مشاهدة المرأة مباريات كرة القدم في التلفزيون! وكانت الإجابة: إن المرأة حينما تتابع مباراة كروية على شاشة التلفزيون، يكون همها الأساسي (متابعة فخوذ اللاعبين) ولا شيء آخر يعنيها في المباراة. وقال ساخراً: (بعض الرجال يقول لزوجته أنت شجعي هذا الفريق وأنا أشجع الفريق الآخر، وإذا فاز فريقها يقول لها أنت طالق، ما أبغى أشوف وجهك)! وهو هنا يشير لرفض الأزواج متابعة زوجاتهم لمباريات الكرة.
ولم يكتف بذلك بل تساءل: إيش وراء مشاهدة المرأة للمباراة في التلفزيون؟! مفاسد، مفاسد، مفاسد، رؤية المرأة للرجل الأجنبي أصلاً حرام، فكيف إذا رأت أفخاذه واشتداد الملابس عليه؟
والحق أنني لا أدرك سبب النظرة الدونية للمرأة بهذه الصورة؟! وبالذات من المتشددين أو ممن ينتسبون بوظائفهم للدين! فهل يُعقل أن متعة مشاهدة المرأة لمباريات كرة القدم لا تتعدى المناظر الجسدية؟ وهل المرأة لا تستمتع باللعب النظيف؟ ولا تفرح بتحقيق الهدف في مرمى الفريق المنافس؟ برغم أنني لا أهوى ولا أميل لمشاهدة مباريات كرة القدم ولا غيرها من الرياضات، ولكنني أحترم رغبات الجميع رجالاً وسيدات، وأقدّر مشاعرهم النفسية أثناء إقامة المباريات طالما أن حريتهم بالتشجيع لا تتعدى على حرية الآخرين! وأعني التعصب، وما يرافقه من ألفاظ سيئة أو اعتداءات مختلفة!
إن الرأي الشخصي لهذا الإمام حول متابعة المباريات سواء للرجل أو المرأة لا يهمني طالما يحتفظ به لنفسه، ولكن خروجه على الملأ وتناقل رأيه عبر وسائل الإعلام المختلفة يجعلني أقدم احتجاجاً للإنسانية على هذا التمايز القاسي والجور العنيف في النظرة للمرأة، وكأن حياتها ومشاعرها واهتماماتها تنحصر في الجنس فقط، دون مساحة لغيره أبداً! ولم يكتف بذلك بل قرنه بالفساد، وأضاف تحريم رؤية الرجل الأجنبي مطلقاً!
فهل المفروض أن تفقد المرأة بصرها حتى لا تنظر للأجنبي ابتداء من السائق ومروراً بعامل النظافة والبائع والطبيب وأستاذ الجامعة وبلا نهاية؟!
تُرى كيف يجرؤ أحد على تحريم ما أحله الله أصلا، كالمشاهدة العابرة للرجل ماشياً أو راكضاً أو لاعباً؟!