رمضان جريدي العنزي
ولدت السعودية من رحم الأمة العربية، وكانت وما زالت أبنًا بارًا لها بجميع المقاييس والحسابات، لم تتنكر لها يومًا، ولم تتنصل عن أداء واجبها تجاهها، ولم تبرر أو تختفي تحت حجج واهية كيلا تقوم بما يمليه عليها هذا الانتماء اليعربي الأصيل، شعبها النبيل عربي حتى النخاع، وهم يفاخرون بانتمائهم لهذه الأمة العربية العريقة، وهم الذين قد ضربوا أمثالاً عليا في هذا الشعور لم يسبقهم إليه أحد، وقد بقيت الدولة السعودية في مختلف عصورها السياسية تسير وفق المصالح العربية دون أن تحيد عن ذلك، لكي تكون الأمة العربية معززة مكرمة في أي وقت وحين، لقد ضربت السعودية مثلاً في الالتزام القومي بقضايا الأمة ما لا يستطيع أحد أن يدانيه في ذلك، بل جعلت مؤسساتها بكل تنوعاتها كافة في خدمة الأمة العربية جمعاء، لقد كانت لها جهود سياسية عظيمة وجبارة في الحفاظ على لبنان كبلد عربي، وحفظته من الاختطاف على يد القوى الإقليمية، وبذلت وما زالت تبذل جهدًا ماليًا أكبر أسهم في إعادة إعماره والنهوض ببناه التحية من بين ركام الدمار والخراب، كما لا يمكن أن ننسى دورها المتميز في أزمة الكويت في العام 1990 - 1991 ووضعت كل جهدها السياسي والمالي والاقتصادي والإعلامي والاستخباري والعسكري للدفاع عن الكويت وإعادة الوضع فيها إلى ما قبل 2 أغسطس 1990، في فلسطين المحتلة، في مصر، في البحرين، في سوريا، في العراق، وفي اليمن، وفي كل قطر عربي، نجد الجهد السياسي والاقتصادي، وكل الجهود الإنسانية والأخلاقية الأخرى، حاضرة وقائمة وفعالة، وأما إذا تحدثنا عن الإطار الإسلامي فللسعودية دور مشهود في ذلك، فقد أطفأت العديد من الحرائق السياسية في دول إسلامية كثيرة، وساهمت دبلوماسيتها باستتباب الأمن فيها، بل إن السعودية بسطت يدها حتى إلى الذين لدغوا يدها مرات عديدة كإيران، ولاحظنا كيف أن اللهجة السعودية كانت دائمًا تصالحية مع القادة الإيرانيين، وهم الذين يعلمون جيدًا منهج السعودية وتأثيرها البالغ في المحيطين العربي والإسلامي، وفي الجهد المالي فإن للسعودية دورًا مشهودًا في ذلك، غطى مساحة واسعة من الدول التي واجهت كوارث طبيعية أو بشرية، أن السعودية وبكل حجمها السياسي، ودورها الإستراتيجي في التوازن الإقليمي والدولي، وثرواتها البشرية والطبيعية، وعمقها الحضاري، وموقعها الدولي والإقليمي والعربي، تتناسل خيرًا للعرب كل يوم، موقدة شموع الأمل، ورافعة بيارق السلم، إن السعودية تذهب دائمًا إلى الجانب الذي يؤمن المصالح العربية الإستراتيجية، لأنها الخيمة الكبيرة التي يستظل العرب بها، كما أنها الوتد الرئيس في الخيمة الإسلامية المقابلة، أن المملكة العربية السعودية تحتل مكانة متميزة بين دول العالم، ولها أدوار بارزة وريادية في المحافل الدولية، ومشاركات فعالة، وأدوارها بارزة على المستوى الإقليمي والإسلامي والعالمي، لقد اتسمت السياسة الخارجية السعودية بالنزوع إلى الدبلوماسية الهادئة والتدرج في اتخاذ المواقف في ظل امتلاكها لمقومات هذا التوجه سواء كانت مادية أو معنوية أو روحية، وبالرغم من أن السعودية تتعرض اليوم لأبشع أنواع الاتهامات والافتراءات والمؤامرات من قبل أبواقٍ وزمرٍ مأجورة ومرتزقة، تريد النيل منها لما تمثل من رمز عظيم وموقع كبير ودور ريادي مميز مقدام في وطننا العربي والإسلامي، إلا أنها ستبقى شامخة، قوية، صلبة، مرفوعة الرأس، لا تنكسر ولا تلين ولا تستسلم بفضل قيادتها الوطنية الحكيمة.