د. خيرية السقاف
أربعة شهور مذ اعتلى ابن عبدالعزيز سلمان كرسي الملك، وسدة الحكم...
فيها أنجزت أمورٌ كثيرة..، جميلة ومهمة، مثلها يأخذ عمراً في حلقة حركة المجتمعات التي تطور نفسها وفق مفاصل عديدة، تتدرج فيها مراحل مديدة من الزمن، لكنها هنا في هذا الوطن تطوع لها الوقتُ بسرعة قراره، فتسارعت وتيرتها بعزمه، وإرادته، وسعة نظره، وحكمته، وتمرسه الإداري، وفطنة خبرته....
ولعل أول ما صنع هذا الملك الحكيم، أنه في هذه المدة القياسية من الزمن أن حقق استعادة «منصة العز» التي فقدها العرب بين الشعوب..،..
فعزّز بذلك رؤية المملكة في قضايا ملفات الشعوب المجاورة، ذات علاقة الدين، والدم، والأخوة، فجاء أولها اليمن، ومصر، وسوريا، والعراق، ودول المغرب العربي، وفيها فلسطين.. هذا الجرح الأزلي الدامي..!
وفي الوقت ذاته اتجه خارجياً، ليعزِّز روابط العلاقات الأخوية مع الجوار بأمتن العهود، وأجلى المواقف، وأوثق الأفعال، صار ذلك بضمه عضد الكف الواحدة في موقف الحزم، وإطلاق عاصفته استجابة لنداء الأخوة من جهة، واتخاذه الموقف الناصع في أول المجالس العالمية الأممية، وهيئاتها لهذه البلاد من كل شأن من جهة أحرى، بوصف المملكة دولة ذات سيادة رأي، وموقف، ومقدرات....،
خطا نحو ذلك في مكوكية حركة الربط التي ابتدرها مذ أول يوم في عهده ملكاً للبلاد، فطوّق جميع دول العالم، في خريطته الذهنية، ومن ثم في شعبه، وترسيته موقف الزعيم الذي يقود أمة، هي منطلق الخيرية بين الأمم، فأكد أنها أس الدعامات القويمة المكينة لدولة الإسلام، الإسلام في أشف مفاهيمه، وأسسه، وقيمه، لتكون المتسيّدة لموقف النطق، والفعل..
سلامه مطلق، وحنكته نافذة....
وداخلياً، وهو يمسح بيده على نسيج الوطن فيرتق الشق، ويبلسم الرهق، ويعيد ترتيب بيوت التعليم، والصحة، والعمل، والخدمة المدنية، والإسكان، والأمن، والدفاع، والإمارات، والشورى، والرياضة، والإعلام، والعدل، والبلدية، والشؤون الإسلامية.. فتدرجا أعلى نحو ولاية العهد... والدواوين الرسمية.. ومراسيمها..
حركة دؤوبة، لم ينس، ولم يغفل فيها عن العناية بحق المواطن، فوجه، وأكّد على خدمته، وتقدير حقه، وتطوير مرافق خدمته من الشارع، لإدارات المرور، للمحاكم، للقضاء، للثقافة، للأنشطة.. فللإسكان، وللتجارة،..
لقد عزَّز سلمان بن عبدالعزيز الاهتمامَ به بقرارات حازمة، ومبادرات فورية..، فوضع كل مسؤول أمام المساءلة من كان، وفي أي مكانة ومكان حين يقصر عن الوفاء بواجبه نحوه...
اليوم كل الوطن يبايعه على الوفاء لأبجدية ما رسم..، وخطط، وقرر..، واتخذ..
هذه الرياض التي يضعها في عينيه لؤلؤة المدن، التي أعطاها ويعطيها سنيه، وانتباهته، ومحبته، ووفاءه.. تحتفي به ملكاً متوجاً في العقول والقلوب..
ومنها ينطلق ابن الوطن من الصغير للكبير ليسير على نهجه للعمل على تمكين نسيج الوطن من لحمته..، والجدية في ترابطه، والإخلاص في خدمته،..، والحفاظ على رغيف محبته..، وبث الصدق في عجينة هذا الوطن بالوفاء لكل جزء في عضوية جسده..
لقد قلتُ في مقال سابق: إن سلمان بن عبدالعزيز نعمة الله..، وقلتُ أيضاً: إن القاسم الأجمل الذي يجمع كل الذي يصنعه سلمان بن عبدالعزيز الملك الحكيم هو مدُّه جداولَ نهر الشباب، وجعلها تتدفق في عروق الوطن بمن اختار، وبمبادرته تعزيز الولاية، والوزارة، والإدارة، والقيادة بحيوية هذا النهر، هذه البادرة تسجل له في تاريخ الوطن..
وفّقه الله، وحرسه، ونفع بكل مبادراته هذا الملك الفذ..،
ووفّق كل أبناء الوطن للوفاء بالوعد لهذا العهد الزاهر..،
عهد ابن الوطن المخلص، أب الرياض، صانع نهضتها،..
الملك سلمان الخير، والنماء، والحكمة، والقوة..،
من أرسى دعامات «منصة العز» لهذا الوطن،.. ولكل وطن عربي، وإسلامي.حفظه الله..