عبدالحفيظ الشمري
يوم الخميس قبل الماضي 23 أبريل يبدو أنه مَرَّ كأي يوم عادي وعابر في حياة مجتمعنا، رغم أنه يذكرنا بمناسبة مهمة في حياتنا ووعينا، وثقافتنا.. ففي مثل هذا اليوم من كل عام تحتفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة
«اليونسكو» ومعها الكثير من دول العالم والمؤسسات والهيئات بمناسبة «اليوم العالمي للكتاب وحماية حقوق المؤلف».
إلا أن هذه المناسبة رغم أهميتها يبدو أنها -كما أسلفنا- مرت مرور الكرام، رغم محاولات بعض الجهات الثقافية والتعليمية والإعلامية لدينا، وفي العالم العربي من حولنا أن تواكب هذه المناسبة، وتقدم شيئاً يليق بها، وبهذا المخلوق العجيب (الكتاب) الذي يعد من أهم الظواهر الإنسانية على مر العصور.. لا سيما وأنه حمل رسالات السماء السابقة، وحفظ القرآن الكريم، وما تلته من سير وعبر ومؤلفات ومصنفات؛ يشعر فيها العربي بزهو الثقافة والحضارة.
فنحن في العالم ومعنا «اليونسكو» نذهب معاً إلى أهمية أن تكون هذه المناسبة بداية لنشاط عام قادم، أو نهاية نشاط عام كامل؛ لا أن يكون مجرد يوم واحد ومن ثم نلوذ بالصمت والنعاس، والبعد على كل شيء فيه كتاب وعلم ومعارف، فيجدر بنا أن نتمسك بهذه الرسالة ونجعلها عنواناً مهماً من عناوين حياتنا، فلا نستخف بها، أو نتجاهلها، أو نزعم -خطلاً- أن الكتاب الورقي مات، واحترق، وبات أثراً بعد عين، لنروج لهذه الصور الفجة التي تقطع صلتنا بالكتاب والمعارف والعلوم، بينما دول الغرب والشرق تفاخر بآلاف وملايين النسخ من الكتب والمؤلفات المطبوعة، ونحن نلحن ونُدَنْدِن للأسف فكرة موت الكتاب، وموت المؤلف والقارئ، وما إلى ذلك من ادعاءات يبثها المنظرون والنقاد برؤى مضللة!
وحينما استشعرت منظمة «اليونسكو» أن الخطر والمصيبة ليست على الكتاب لوحده؛ وجدت أنه لا بد من ربطه بالمؤلف، فقامت بالمناداة في كل عام وفي هذا اليوم على وجه التحديد بحماية المؤلف وتوثيق أعماله، ومساعدته في الإنتاج والعمل على إيصال رسالته في أي زمان وفي كل مكان.
فاليوم العالمي للكتاب يذكرنا بحقائق مرة ربما أهمها أن دولة أوروبية صغيرة كسويسرا مثلاً تطبع من الكتب الورقية ما يفوق الدول العربية مجتمعة، وفي هذا اليوم من كل عام تذهلنا إحصائية لدولة عربية تزعم أنها فوق العادة في كل شيء ونسبة الأمية فيها ترتفع إلى نحو 62%،.. فهذه النسبة المفجعة تعزز أهمية أن تكون هناك أولويات وضرورات ملحة تسبق الاهتمام بالكتب والمؤلفات على نحو رعاية الطفولة، وبسط التعليم، وتطوير مشروع الصحة، والبحث عن آليات للدواء والغذاء قبل أن يمسك الإنسان كتاباً ليقرأ، أو قلماً ليكتب.
ما نود أن تختم به أنني أرجأت الكتابة بحق عن هذه المناسبة طمعاً في أن يكون هناك حشد لهذه المناسبة كي نتفاءل بها، أو رؤية عمل أو منجز يضيء هذه المناسبة؛ فنتفاعل معه، لخلق أبعاد وتصورات مهمة من أجل التفاؤل بسلامة هذا المنهج الجميل، إلا أننا ورغم الانتظار أدركنا أن المناسبة -كما توقعنا- مرت عادية، ويومها الجميل لم يُعْبَأ به، رغم المحاولات المحدودة التي تفاعلت مع هذه المناسبة.