عبدالحفيظ الشمري
الاثنين الماضي وفي الفقرة ما قبل الأخيرة من مقالته؛ ذكر رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك بأن «تراخي دول مجلس التعاون وعدم مبالاتها من مواقف بعض الدول سوف يشجع قادتها وحكوماتها على الاستمرار في علاقاتها بدول مجلس التعاون بذات السلبية القائمة حالياً»!!
فالأمر الذي ذكره الأستاذ «المالك» غاية في الأهمية. فمن الضروري أن ترتب دول الخليج - وعلى رأسها بلادنا - أولويات علاقاتها مع الدول الأخرى لا سيما تلك الدول والحكومات التي لا تبحث في علاقاتها معنا إلا بمنطق العلاقات الملونة والمخادعة، أو الرؤية من زاوية المصالح المادية الضيقة، أو الاعتماد على فرضيات قديمة تظهرنا وكأننا غير قادرين على المبادرة في حماية مجتمعاتنا وشعوبنا ومصالحنا.
فالأمر بات ضرورة، وحري بنا أن ندقق في كل تلك الرؤى التي كانت تضعنا دائماً في خانة المسالم، والهادئ والمتحمل.. فطالما أن جنودنا البواسل ولله الحمد، وبتوجيه من قيادتنا تميّزوا واستلموا زمام المبادرة في رد العدوان، حتى ألقموا الأفعى حجراً حارقاً، فإننا موعودون بمزيد من التحول النوعي في خطابنا وسلوكنا، لنعيد الحق إلى نصابه.
فالمساومات الرخيصة على العمل معنا، أو إلى جانبنا اعتقد أنها باتت شيئاً من الماضي ولن نعود إليها، ولم يعد وطننا بفضل الله تلك الدولة التي تسير بركب الآخرين، إنما باتت تقود الأمم المتحالفة معها خدمة للإنسانية والخير، وإعادة الحق إلى أهله، وما مواقف المملكة بغريبة على أحد، حينما كررت موقفها البطولي تجاه اليمن، وهو ما فعلته أيضاً قبل أعوام خلت مع أشقائها في الكويت والبحرين.
أجمل ما تراه هذه الأيام أن شعب المملكة وعن بكرة أبيه يقف خلف قيادته لدحر الظلم والطغيان، دون حاجة لخدمات ظاهرها الموقف العربي وباطنها الرغبة في المغانم المادية، وقبض الثمن دون حياء أو خشية!! فالشعب السعودي وحكومته بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله أخذوا على عاتقهم مهمة النهوض بالأمة، ورفع الظلم عن الأصدقاء والشعوب التي تنتظر منا مثل هذه المواقف المشرفة.
فالعلاقات مع من حولنا من الدول بعد «عاصفة الحزم» يجدر فيها أن تتحول نحو فكرة التحرر من الخطابات المهادنة والليونة التي قد تُظْهِرنا ، خطئاً - أننا ضعفاء وغير قادرين على حماية حدودنا وأمننا الوطني، بل يجب أن تظهر الصورة الحقيقية أن الحزم سيكون شعارنا المستقبلي.. فنحن مجتمع لا يقبل الضيم، ولا يتجرع المهانة والذل، وحسب هذه الحرب التي يخوضها أبطالنا أنها عنوان حقيقي لما نتمنى أن نكون عليه من عزة وإباء.
فبعد الضربات الخاطفة والموجعة الأولى لـ»عاصفة الحزم» لهؤلاء المزهوين بمجدهم الزائف؛ انقسم أمر «الحزم» في قلوب الناس ورؤاهم إلى ثلاثة محاور؛ فالمحور الأول وهو الطويل والعريض بحمد الله الذي يقف مع الحق ومع انتصارنا على الذات، حينما قام جيشنا الباسل بردع المعتدين، والثاني هم هؤلاء الذين يقفون في الضد ويجاهرون في نقدنا والسعي إلى النيل من قيادتنا ومعركتنا وهذا موقف واضح وصريح، ويجب أن نتعامل معه بكل حزم، أما المحور الثالث وهو الخطير جداً فهم المراوغون والملونون، ومن يتظاهر بأنهم معنا، لكنهم ينتظرون قبض الثمن بأي شكل من الأشكال.. فهذا هو الخطر الخفي، والذي يجدر بنا أن نعيد رسم علاقتنا معه بعد «عاصفة الحزم» بأسلوب يضعه بحجمه الطبيعي.