سعد الدوسري
لا أريد أن أسوق أية أمثلة شعبية، لكي أدلل على أننا إذا أَعْجَبنا شيء ما، فإننا نبالغ في استغلاله، إلى درجة تُفقدُه أهميته وتفسد الأساس الذي من أجله أعجبنا فيه، فالأمثلة الشعبية في هذا السياق كثيرة، ربما بسبب انتشار هذه الظاهرة لدينا أكثر من أي بلد آخر.
فعندما يتميز في بلادنا رجل أو امرأة، نجدنا نختاره ونختارها لكل المناصب: عضويات مجالس بلدية، عضويات مجالس إدارة، عضويات شرفية، رئاسات فخرية، مناصب استشارية.
وإذ بهذا المتميز أو المتميزة في مجال الكيمياء أو الجراحة أو الجيولوجيا أو النفط أو الطاقة، بدل أن يقضي ساعاته أو تقضي ساعاتها في المختبر أو المكتبة أو العيادة أو غرفة العمليات، نجدهما يضيعان أوقاتهما الثمينة في حضور الاجتماعات والمناسبات والاحتفالات، وفي المشاركة في الوفود الخارجية واللقاءات البرتوكولية وفي البرامج الإعلامية، من اجتماع إلى اجتماع، ومن لجنة إلى لجنة، ومن بلد إلى بلد، ومن قناة إلى قناة، ومن جريدة إلى جريدة.
وما هي إلا سنة أو سنتين، حتى يتحولا من علماء في الطب والهندسة إلى متحدثين رسميين في الشؤون العامة.
ألا يمكن إيقاف مثل هذا الهدر في الطاقات والكفاءات الوطنية؟! أليست هناك طريقة، غير هذه الطريقة الاستنزافية، في استغلال المبدعين والمبدعات والاستفادة منهم؟!
إننا اليوم نشاهد مثل هؤلاء المبدعين، وهم يتحدثون عن قضايا لا تخصهم، كأن تتحدث طبيبة متمرسة عن التعصب الرياضي، لمجرد أنها عضوة في مجلس من المجالس.