علي الخزيم
لأبي الطيب:
(وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني
وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ)
أجل؛ لقد أحيت نخوة ملك العرب روحاً عربية بطولية هي من صميم ذات العربي الأصيل، لم يبتدع بدعة إنما هي سجايا الأجداد وأخلاق الآباء الأفذاذ، فالعربي مجبول على حب الوطن والديار وحماية الذمار، وملوك العرب منذ القدم هم حماة الذمار (الأرض والعرض والأهل والأموال وغيرها)، فانعم وأكرم بمن سار على خطى العرب وتمسك بمكارمهم ممتثلاً قبل كل ذلك للنهج الإسلامي القويم الداعي لهذه القيم الرفيعة، والمتابع للفضائيات وما تبثه من تغطيات لأحداث (عاصفة الحزم) يلمس بجلاء احتفالية عموم أبناء الوطن العربي بهذه الهَبّة المباركة التي من شأنها إعادة ما فُقد من كرامة أمة العرب بين الأمم لا سيما المتربصة المنتظرة لحالة قصورنا وضعفنا لتَنْقَضّ على حدودنا وبالتالي قيمنا ومقدراتنا، وصولاً إلى معتقدنا (خيب الله آمالهم)، وحينما أقول عموم العرب فإني أتحدث عن النسب المرتفعة بعد استبعاد الشاذ من القوم، الناعق لصالح العدو، المُتقلّب بحسب قيمة الدينار والدرهم على حساب قِيَمه الدينية والوطنية، شاهدنا أمثلة رائعة من كل بلد إسلامي فردية وجماعية تُمجّد العاصفة الميمونة بإذن الله وتثني على من أمر بها ورعاها من منطلق عربي إسلامي أخوي، تلبية لنداء الأهل والأشقاء في البلد الجار، وأكدوا أنها جاءت بوقتها، ومتسائلين: إن لم تكن الآن فمتى ستكون؟
يقول غازي القصيبي مخاطباً بلقيس:
(ألوم صنعاء لو صنعاء تسمعني
وساكني عدنٍ لو أرهفت أذناً
وأمة عجباً، ميلادها يمنٌ
كم قطعتْ يمناً، كم مزقتْ يمناً).
وله من قصيدة (نحن الحجاز ونحن نجد):
(ونحن عسير مطلبها عسير
ودون جبالها برق ورعد)
برق ورعد وأزيز طائرات حديثة فتاكة بقذائف ذكية فاجأت العدو المتربص، الغافل (لحمقه) عن غضبة الحليم وتدبير القائد الحكيم.
وحب الأوطان أمر مشروع وحق طبيعي، بل إنه مما يُنْدب إليه، ولنا في الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) أبلغ القدوة في ذلك، ولا يكفي الوطن منّا الحب المكنون بالنفوس دون عمل ملموس نسدد به ديناً، ونُغذّي به فكراً للأجيال القادمة لتحافظ بدورها على ميراث الوطنية وصدق الانتماء، ومن ذلكم الفخر بانتمائك لهذه الأرض الطيبة بمشاعرها ومقدساتها واستشعار واجب الذود عن حياضها وحدودها، والعمل على تظافر الجهود ورص الصفوف، وحينها لن يجد عدوكم مدخلاً سهلاً لتفكيك لحمتكم، ومن موجبات الإخلاص للأوطان الحفاظ على المكتسبات والمقدرات والمال العام وعدم الإفساد في المنشآت والمشروعات الحيوية، بل المزيد من الحفاظ عليها وتطويرها، والعاق من يأخذ من وطنه بلا عطاء، والظالم من ينظر لوطنه بعين العداوة والميل لمساعدة العدو مهما كان جنسه وموقعه وهدفه، ومن الوفاء للأوطان مساندة ولاة الأمر والوقوف مع جهودهم الخيّرة والاعتقاد بأنهم محل للثقة؛ لنكون مواطنين صالحين متفاعلين لخدمة الدين والوطن الغالي.