علي الخزيم
زرت ما كان يُسمى (اليمن السعيد) مرتين في مهام إعلامية، ولعل اليمن الشقيق يستعيد سعادته الآن بما قيّض الله له من عقول خليجية وعربية راجحة وقلوب رحيمة تقف مع الحق وتعيد الشرعية، وربما كان على من اقترح التسمية الأولى أن يشترط بأن لا يتولى بلاد اليمن طُغمة عاقّة، وطاغية أهوج صرف الله كل مشاعره (بما صنع) عن السراط المستقيم، وهذه وعود الله ووعيده للطغاة والظالمين حينما يرسل لهم البينات والدروس ثم لا يرعوون فإنه سبحانه قد تألّى أن لا يهديهم للحق ويدعهم في طغيانهم يعمهون.
سوف أترك مشاهداتي إلى آخر السطور، لأبدأ بالإشادة الكريمة من مجلس الوزراء السعودي بالجالية اليمنية بالمملكة التي عبّرت عن تأييدها لعاصفة الحزم لاستعادة الشرعية في بلادهم، والتأكيد بأن المملكة لا تود الحرب وإنما تعمل على إغاثة بلد جار وشعب مكلوم وقيادة شرعية استنجدت بالأشقاء لوقف العبث بالأمن وكل شيء هناك، وبالمناسبة فإن للشعب اليمني مواقف إيجابية أثبتوا من خلالها أنهم بعكس ما وصفهم به (غابر ليبيا القذافي)، ومن ذلك وقفتهم الرجولية إبان الثورة ضد الطاغية (علي صالح) فلم يريقوا دماً ولم يستخدموا أسلحتهم المتوفرة بين أيديهم، ولكن كانوا أكثر انضباطاً أمام استفزازات عناصر البغي والطغيان فحققوا مرادهم في صورة حضارية أشاد بها العالم، وهنا تُقدم الجالية اليمنية الشقيقة صوراً حضارية من الانضباط والتعقل في مواجهة الحالة الطارئة، ولم تخضع لأراجيف الطاغية والمنحرف الحوثي وأكاذيبهم ومن خلفهم عدو لدود يدفعهم للغي والشقاء، حتى بالمناسبات الرياضية كدورة الخليج لكرة القدم كان الفريق والجمهور اليمني يقدمان أفضل وأنصع الصور المُشْرقة ونالوا إعجاب الجميع وحققوا مكاسب أفضل من نتائج الكرة، وأذكر أنه في لقاء كروي بصنعاء عَدّه الرياضيون من المواجهات الهامة بين المنتخبين السعودي واليمني في منافسة إقليمية، قدّم المعلق اليمني (غاب عني اسمه) عقلية فذة وروحاً حضارية تسامت على كل ما يُعكّر صفو اللقاء ومتانة العلاقات، وما زال في ذاكرة المشاهد، فهذه ليست إلاّ نماذج من أخلاقيات الإخوة الأشقاء باليمن، يمن العروبة والأصالة والشجاعة والكرم، لا أقولها كمفردات مكررة لكني لمستها بنفسي من خلال تجوالي هناك لا سيما الزيارة الأولى وهي الأطول، فما زالت ذائقتي تذكر وجبة (السلتة) اللذيذة التي تُؤكل حارة، ومن مكوناتها الحلبة والثوم والبصل وملحقاتها، ثم تُحلّى ببنت الصحن وهي حلوى مبردة طيبة، وتذوقت في مطعم شعبي جداً خبز الشعير والفول بالطريقة اليمنية والحلبة لم تغب عنه، يقول شاب من تعز: بودنا أن نضع الحلبة بالبيبسي!.. وفرحت بزيارة موقع أهل الكهف وأطفأ فرحتي إعلاميون هناك حينما أفادوني أن باليمن ثلاثة مواقع مزعومة لأهل الكهف!.. (والمساحة تحتم تأجيل بعض الذكريات)، ولفت انتباهي المباني الحكومية والمستشفيات والمدارس وغيرها بالعشرات المشيدة على حساب مكتب المشروعات السعودية باليمن، وهي في إطار من الدعم العام للأشقاء بِلَمنّة، انما هو واجب يتنكّر له المغرضون الحاقدون، فماذا قدمت إيران لليمن وشعبه؟!