سعد بن عبدالقادر القويعي
لم تكن تصريحات - رئيس الوزراء العراقي - حيدر العبادي نتاجاً لحنكة سياسية، عندما أثارت تصريحاته المعادية للسعودية غضب إدارة - الرئيس - باراك أوباما، ودفعت مسؤولين في الإدارة إلى القول، بأن: «العبادي تجاوز الأعراف، والأصول الديبلوماسية»، وذلك لقيامه بنقل مواقف غير صحيحة على لسان أوباما حول عملية عاصفة الحزم، التي تقودها السعودية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين.
لم يحقق العبادي أي مكاسب سياسية من خلال تصريحاته البائسة، وإنما - كانت ولا تزال - ترجمة حقيقية لأداء دوره في إدارة التوازنات المحلية، والدولية، وتنسيق المواقف السياسية، والعمليات العسكرية بين إيران، وميليشياتها الطائفية في العراق. رغم أن المؤمل منه - خلال توليه فترة رئاسة الوزراء -، أن يعمل على محاربة الفساد، وذلك من خلال إنتاج نظام يمنع من اختراق المحاصصة، والولاءات، والشخصنة، بما فيها المؤسسات الأمنية. وأن يعمل على إيجاد المصالحة الوطنية الشاملة، والتي ستظل موضع اهتمام الداخل، والخارج العراقي. - إضافة - إلى ضرورة استقلال العراق السياسي، بعيداً عن سياسة الولي الفقيه، والعودة - بالتالي - إلى النظام، والمحيط الإقليمي العربي، خلافاً لما يحصل على أرض الواقع.
كان الأولى لرئيس الوزراء العراقي أن يتهم إيران بالمؤامرة، بعد أن شرعت في انتزاع سلطة إقليمية بضرباتها العسكرية ضد سكان مدينة « تكريت « الأبرياء - خلال الأيام القليلة الماضية -، وأن يتحدث عن الاضطرابات الإيرانية التي أحدثتها في المنطقة على نطاق واسع كحرب وكالة؛ من أجل إقامة الدولة الفارسية، وأن يعزِّز مشاركة القوى السياسية المعارضة في العملية السياسية؛ حتى يتمكّن من إضعاف النفوذ الإيراني في العراق، والعمل على قص أجنحتها، واسنزاف طاقتها فيه.
يقول - نائب الرئيس العراقي المستقيل - طارق الهاشمي: «العبادي في وضع لا يحسد عليه، لو مضى على خطى سلفه سيفشل، ولو سعى للنجاح، وقرّر التغيير، فعليه أن يرضي العرب السنّة، بشرط أن لا يغضب العرب الشيعة. مهمة ليست سهلة، وتنطوي على توازن دقيق، لا أعتقد أن العبادي مؤهل له، ولهذا سيبقى بحاجة إلى آخرين، ومتى عزم على التغيير، والإصلاح، وبادر - فعلاً - من دون مزيد من التردد، فإنه سيلقى استجابة طيِّبة، ومساندة من الداخل، والخارج، والظرف مؤات، ومصلحته الشخصية تقضي أن لا يضيع هذه الفرصة أبداً، وقد أضاعها سلفه، وفشل»، - وعليه - فإنني أقول: إن تقاطع، أو تداخل المواقف التي تشهدها الساحة - اليوم -، تؤكد أن العراق أصبح ملفاً ملحقاً بملف إيران النووي، والسياسي. ثم إن لحظة الإنقاذ التاريخية ماتت في مهدها، عندما فشلت أزمة المعيار، والسلطة، والابتلاع، والمرجعية، وغياب النخبة المؤثّرة في رسم القرار؛ مما دفع العراق إلى الاحتراب، والانقسام، والتي تتحمّل مسؤوليته القوى الصانعة له، حين أهملت خارطة طريق الإصلاح، والمنطوية على سلم الأولويات؛ لضمان معالجة التحديات المهمة، كالتقسيم، والحرب الأهلية.