د.علي القرني
حتى تنجح الحملة العسكرية التي تقودها المملكة مع شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي (الإمارات والكويت والبحرين وقطر) وشقيقاتها العربيات (مصر والأردن والسودان والمغرب) وشقيقتها الإسلامية (الباكستان) وعدد كبير آخر من الدول الراغبة في المشاركة
والداعمة والمؤيدة من الدول العربية والإسلامية ودول العالم، حتى تنجح هذه الحملة لا بد من أن يكون هناك مساران لهذه الحملة، ويعملان بالتوازي من اليوم الأول.. المسار العسكري والمسار السياسي..
والمسار العسكري له شقان، الأول بيد دول التحالف والثاني بيد الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي. ولا بد من العمل على المسار العسكري بتفرعاته الجوية والميدانية، وإلا سيطول أمد الحرب من ناحية وربما تتعثر جهود استعادة سطوة الدولة الشرعية بالتوقيت المتوقع لها. وخلال الأيام الماضية نجحت دول التحالف في تحقيق أهدافها العسكرية في تحييد الدفاعات الجوية وتثبيت الحظر الجوي والبحري وضرب معاقل وتحركات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.. وسيستمر مسار هذه الضربات في الأيام القادمة، وبالتوازي يجب أن يظهر هيكل عسكري واضح على الأرض من قبل السلطة الشرعية اليمنية تقوم باستنهاض القوى المدنية للموالين للرئيس الشرعي والقوى العسكرية المتمردة على الحوثيين وصالح.
لا شك أن الفرح الذي زرعته «عاصفة الحزم» في عيون اليمنيين والثقة التي استعادوها بنجاح هذه الحملة يجب أن تستثمر سريعاً من قبل إدارات عسكرية تتشكل على الأراضي اليمنية، ولا يجب أن يتركوا لعفويتهم وردة فعلهم الطبيعية. ما نشاهده من وقفة حازمة من القبائل في الشمال ومن الحشود الشعبية في الجنوب تحتاج إلى تنظيم ودعم وتنسيق الجهود الدفاعية للشرعية، وما نشاهده الآن هو ردة فعل طبيعية غير منظمة وتحتاج إلى توجيه وتنظيم. وهذا ما نقصده بالمسار العسكري الميداني على الأرض. ويحتاج الرئيس عبد ربه هادي أن يضع تشكيلاته العسكرية حتى تتمكن من التنسيق بين القوى المتحالفة مع الشرعية. وحتى الآن نلاحظ انعدام أو ضعف أي تنسيق بين جماعات المقاومة والقبائل والقوات المتمردة، الجميع يعمل في رقعة ضيقة من الأرض ولا يعرف ما يدور حوله أو من أمامه أو خلفه..
إن القوات الحوثية وقوات علي عبدالله صالح أصيبت بصدمة كبيرة وتفاجأت بالانهيار السياسي والعسكري والنفسي ولكنها لا تزال تقاوم هنا وهناك، وكان تخطيطهم هو الاستيلاء على عدن العاصمة المؤقتة التي يمكن في حال الاستيلاء عليها أن تبعثر أمور السلطة الشرعية. وعلى الرغم من الجهود العسكرية الجوية من طيران التحالف والضربات الموجعة التي تحققها، ورغم الانهيار التدريجي في قوات الحوثيين، إلا أن الوضع برمته على الأرض يفتقد أي خطة عسكرية.. وهذه مهمة قيادات عسكرية يعينها الرئيس اليمني هادي للتنسيق مع الهيئة العسكرية للتحالف.
أما المسار السياسي الذي كنا قد أشرنا إليه في بداية هذا المقال فهو كذلك في بالغ الأهمية ويجب أن يتم دراسته أو تمت دراسته بشكل مستفيض، فالحوار هو الآلية التي ينطلق منها أفق الحل السياسي، والمبادرة الخليجية هي الهدف النهائي.. ولكن هناك تفاصيل كثيرة تحتاج إلى بلورة وتحديد مسارات فيها قبل انطلاق الحوار. وتعد هذه المرحلة الحالية التي يعيشها اليمن هي مرحلة انتقالية نحو الحوار وهي مرحلة حاسمة جداً ويجب دراستها جيداً.. حتى تكون الصورة واضحة أمام الرأي العام اليمني وأمام الرأي العام العالمي..
ما تحتاجه السلطة الشرعية الآن وعاجلاً هو بناء شخصيات سياسية وعسكرية ضمن هيكل الحكومة الشرعية وتصبح هذه الشخصيات متحدثة باسم الحكومة وشارحة لمواقفها وسياساتها، فحتى الآن لا يتحدث إلا الرئيس ووزير خارجيته المكلف، والوضع يستلزم أن يتم تعيين شخصيات سياسية وعسكرية في هذه الحكومة حتى تضيف بعداً جديدة لشرعية الحكومة. فتعيين مستشارين سياسيين وعسكريين هو الحد الأدنى المطلوب في هذه المرحلة الحرجة، التي تحتاج إلى أصوات إضافية تدعم الموقف السياسي والعسكري.
لقد نجح عدد من المحللين السياسيين والاستراتيجيين والإعلاميين والباحثين اليمنيين على شاشات التلفزة وفي الصحافة وفي وسائل الإعلام الاجتماعي من تحليل الموقف ودعم الحملة العسكرية ودعم الشرعية السياسية في اليمن، ولكنهم يظلون خارج السلطة الشرعية، وما يحتاجه الرئيس عبد ربه هادي هو أن يضع أمام الرأي العام اليمني والعربي والدولي شخصيات رسمية تتحدث باسم الحكومة على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والإعلامية من الخارج والداخل.