د.علي القرني
القضية اليمنية معقدة جدا، وتحتاج إلى فرق عمل عديدة حتى يمكن مواجهة تعقيداتها وتفاصيلها.. وأستطيع أن أشير هنا إلى عدة قضايا يمكن أن تكون ملفات ساخنة جدا وهي بالفعل ساخنة..
ويجب التعامل معها بشكل مستقل وفي إطار استراتيجية عامة للشأن اليمني إجمالا.. ويمكن تحديد أهم هذه الملفات في التالي:
1. الملف العسكري (التحالف)
2. الملف الحوثي
3. ملف الشرعية الرئاسية
4. ملف الحوار اليمني الداخلي
5. ملف إيران
6. ملف مستقبل اليمن في مجلس التعاون الخليجي
7. الملف الدولي (مجلس الأمن والرأي العام العالمي)
وأعتقد أن هذه الملفات يجب ان تتشارك دول مجلس التعاون الخليجي في استيعابها ضمن منظومة فرق سياسية وعسكرية واستراتيجية لصياغة كيفية التعامل معها. فهذه الملفات الكبيرة تمثل الأجزاء الصغيرة من مجمل الأزمة اليمنية التي نعيشها حاليا، ومنذ سنوات، وتعد جرحا داميا على خاصرة دول مجلس التعاون الخليجي..
لن أستطيع الخوض في هذه الملفات السبعة في هذا المقال، ولا أستهدف الخوض في هذه الملفات، ولكن سأحاول أن أشير إلى أهميتها والتعامل معها باستقلالية حتى يمكن وضع الحلول المناسبة لها. وتتنوع الأصعدة المعنية بهذه الملفات، فبعضها عسكري والآخر سياسي، والبعض الآخر اقتصادي، وغيرها من المجالات، وهذا التنوع في الأصعدة هو ما يجعل من الأزمة اليمنية أزمة معقد بامتياز..
ربما تحتاج هذه الأزمة إلى غرفة عمليات استراتيجية ينضوي فيها ممثلو ومسئولو الملفات السبعة (ربما أكثر) في محاولة إلى جمع شتات الأزمة وبناء حلول استراتيجية لها.. وأحسب أن هناك غرف عمليات موجودة ليس في الرياض فقط، بل في عواصم دول مجلس التعاون الخليجي ودول التحالف الدولي.. ولكن ما نحتاجه أن تكون هناك غرف عمليات أو غرف أزمات مركزية في الرياض، وتحديدا في وزارت الخارجية والداخلية والدفاع، وكذلك في مقر مجلس التعاون الخليجي..
وما تحتاجه هذه اللجان المركزية هو تناول كل ملف على حدة في إطار استراتيجية واحدة تهدف إلى وضع الحلول المناسبة وطرق التعامل مع الأزمة اليمينة بشكل عام. فكما نلاحظ أن كل ملف له اختصاصاته ومسئولياته وله ظروفه وملابساته وله تعقيداته وتفاصيله، وله أهل اختصاص وخبرات ومسئوليات تنفيذية.. ولهذا فإن تقسيم القضية اليمنية إلى ملفات هو مطلب أساسي للتعامل مع مختلف ظروف الأزمة وامتدادتها وتعقيداها وتفاصيلها. وتجتمع هذه التفاصيل في غرفة مركزية واحدة لاتخاذ القرارات المناسبة.
وربما الملف الذي يود اليمنيون معرفته والاستماع إليه هو ملف مكانة ومستقبل اليمن مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث من شأن هذا الملف أن يطفي حروق ويداوي جراحات الكثير من أفراد الشعب اليمني، وينتظم في هذا الملف ملف تابع له هو ملف إعادة تنمية اليمن والدعم الاقتصادي لها.. والبدء في مناقشة الموضوع علنا سيسهم في بناء أمل لليمنيين أن يخرجوا من الأزمة الاقتصادية التي يعانون منها، ويبني لهم خيارات إيجابية ويؤسس لدعم شعبي كبير للرئاسة الشرعية في اليمن..
وهناك ملف آخر يقع في سلم الأهمية وهو الملف الدولي للأزمة، وهذا يحتاج إلى جهود دبلوماسية وإعلامية كبيرة للتوضيح والشرح واستقطاب الدعم والتأييد. وهذا الملف من الأهمية أن يكون حاضرا في أذهان اصحاب القرار الخليجي، حيث من المعروف أن بعض الأزمات يتلاشى مع الوقت الاهتمام بها وتأييدها، ويضعف اهتمام الإعلام بها أو يتحول أحيانا إلى جرعات سلبية لا تصب في دعم جهود الدول لاستقطاب تأييد خارجي، ونقصد هنا من دول ومؤسسات خارج المنظومة العربية والإسلامية، لا سيما أن إيران وهي طرف مباشر في الأزمة يعمل حاليا وبجهود مضاعفة في التشويش على أهداف الحملة العسكرية المؤيدة للشرعية في اليمن، وهذا ما يجعل الملف السياسي والدبلوماسي ينشط كثيرا خلال هذه الفترة لمواجهة الإلتفاف الإيراني، فوفود خليجية عاجلة لعواصم عربية وعالمية سيكون مطلبا مهما في هذه المرحلة..
إن هذه الملفات وتسميتها ليست إلا أمثلة فقط فلربما تكون هناك ملفات أخرى، وخاصة إذا تم دمجها مع الملفات اليمنية الداخلية، ويمكن ضم بعض هذه الملفات في بعض منها، والمهم هنا هو أن تتأسس هذه الملفات وتعمل لجانها وفرقها باستقلالية حتى تعطي ملفاتها الدراسة الكافية والخبرات الفنية المتمكنة والرأي الاختصاصي المناسب.. وجميع هذه الملفات تصب في الملف الرئيس الذي يستعرض الخيارات المطروحة ويتخذ القرارات المناسبة..