إبراهيم بكري
في جامعتنا الأمريكية هناك طاولة مستديرة يجلس عليها كل أسبوع أربعة طلاب عرب, قطري وثلاثة سعوديين، يجمعنا شيء واحد أن الدولتين الشقيقتين ابتعثتانا جميعاً لندرس معاً تخصص الإدارة الرياضية لمرحلة الدكتوراه.
أي حوار بين طلاب الدراسات العليا في أي بقعة في هذه الأرض يدور حول: ماذا سيكون عنوان رسالتك البحثية؟؟!!
أصعب مرحلة لأي باحث هي «الفكرة»، خاصة إذا كنت حريصاً كل الحرص على أن تكون رسالتك لخدمة وطنك وتنميته.
الحيرة التي يعيشها الطلاب السعوديون الثلاثة وحالة القلق التي تسكن أجسادهم لا يشعر بها زميلهم القطري!!
عضو هيئة التدريس بجامعة قطر الأستاذ سنيد الدعية كل خطوة يخطوها محسوبة، بل إن خطة بحثه تبدو واضحة المعالم والأهداف.. هو يدرك ماذا سيفعل وماذا يريد؟؟!!
مديرة جامعة قطر الدكتورة شيخة المسند بين فترة وأخرى تتواصل مع زميلها المبتعث، وتشجعه، وتذلل كل الصعاب التي تواجهه، وتحرص كل الحرص على تهيئة البيئة المناسبة للنجاح.
هذا الشاب القطري الطموح عندما حصل على شهادة الماجستير كرمته اللجنة الأولمبية القطرية، وشجعته لمواصلة الدراسة في أمريكا، بل إن الأمين العام باللجنة خليل الجابر سخَّر له كل الإمكانيات لضمان فعالية مشروعه البحثي لتحقيق الأهداف المنشودة.
هذا الدعم اللامحدود لم يتوقف هنا، بل إن المسؤول الرياضي الأول معالي وزير وزارة الشباب والرياضة القطري صلاح بن غانم العلي فتح له كل الأبواب، ووجَّه كل المسؤولين بالوزارة للتعاون معه بتوفير كل معلومة يحتاج إليها بالأرقام.
القطريون يغردون خارج السرب العربي بالفكر الرياضي؛ فهم ابتعثوا ولدهم سنيد الدعية برؤية طموحة؛ حتى يعود لهم قبل مونديال كأس العالم بقطر 2022م مسلحاً بأعلى الشهادات، وبفكر رياضي ناضج؛ ليساهم في العطاء بإحدى اللجان المنظمة للمونديال العالمي.
نحن السعوديين الثلاثة وفرت لنا حكومتنا الرشيدة الإمكانيات المادية كافة، ونحظى باهتمام سعادة الملحق الثقافي بواشنطن الدكتور محمد العيسى من خلال دعمه المستمر لنا بتذليل الصعاب كافة؛ فهو حريص كل الحرص على دعم كل مبتعث سعودي.
لكن ما الذي ينقصنا؟؟!!
نريد أن نشعر بأن السلطة الرياضية في السعودية تعي أهمية البحث العلمي لتطوير الرياضة. لا يمكن أن تتطور أي جهة بدون دراسات علمية.
الرئيس العام لرعاية الشباب عبدالله بن مساعد الشهر الماضي في لقائه مع الزميل بتال القوس ببرنامج في المرمى تحدث كثيراً عن خطط التطوير, وفي السياق نفسه نشرت «الجزيرة» أمس خبر تشكيله خمسة فرق عمل لتطوير القطاع الرياضي:
فريق عمل دراسة تطوير تمثيل المملكة في الاتحادات واللجان الدولية برئاسة خالد البلطان, فريق عمل دراسة العدد المناسب للأندية في المملكة ونوعها برئاسة عادل البطي, فريق عمل تحسين بيئة الملاعب ومصادر دخلها برئاسة فراس التركي, فريق عمل توثيق تاريخ الرياضة السعودية برئاسة تركي الخليوي وفريق عمل تطوير الفئات السنية في كرة القدم والأكاديميات برئاسة الدكتور علي الغامدي.
للأمانة، الأسماء المختارة لهذه اللجان كانت موفقة لخبرتهم وتمرسهم في هذا المجال، ويُتوقَّع منهم النجاح والتميز.
** لا يبقى إلا أن أقول:
- لا أستبعد أن عبدالله بن مساعد سوف يستعين ببيوت الخبرة العالمية لتطوير الرياضة السعودية. وهذه خطوة إيجابية ومهمة للاستفادة من تجارب الدول المتطورة.
- ما الذي يمنع المسؤول الرياضي الأول بالسعودية أن يلتفت للمبتعثين في التخصصات الرياضية؛ حتى يشعروا بأنهم نسيج من رياضة وطنهم؟؟!!
- حكومتنا الرشيدة صرفت على دراستنا ملايين الدولارات، ولن تتحقق الأهداف المنشودة إذا استمر الوضع الحالي بعدم اهتمام المسؤول الرياضي بشريحة المبتعثين, خاصة أن كل الأبواب مغلقة أمامنا، ولن تتعاون معنا أي جهة رياضية بتوفير المعلومات والأرقام التي نحتاج إليها في أبحاثنا العلمية إلا بتوجيه مباشر من رأس الهرم.
** كلمة حق يجب أن أقولها:
عندما حصلتُ على شهادة الماجستير في تخصص الإدارة الرياضية تواصل معنا محمد النويصر رئيس رابطة المحترفين، وحفزنا، ودعمنا بعرض وظيفي مُغْرٍ، فقررت مواصلة الدراسة.
الشيء الذي لا يعلمه أحد أن الدكتور حافظ المدلج يعتبر لكثير من المبتعثين في التخصصات الرياضية هو الأب الروحي لهم من خلال توجيهاته وإرشاداته، خاصة في المجال البحثي.
الكلمة الأخيرة أقولها لعبدالله بن مساعد:
لا تعتقد أننا نكتب هنا من أجل وظيفة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فلن نرهق ميزانيتك، فالحمد الله لم تبخل علينا حكومتنا الرشيدة، وجميعنا أعضاء هيئة تدريس في جامعات سعودية برواتب عالية.. لا نحتاج للمال، فقط نريد أن نساهم في تطوير رياضة وطننا لا أكثر..
** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميلٌ بروحك. وشكراً لك.