جاسر عبد العزيز الجاسر
تزخر منظمة الأمم المتحدة بالعديد من الدبلوماسيين العرب، شأنهم شأن الدبلوماسيين من الدول الأخرى. وبما أن الدول العربية الأعضاء في المنظمة اثنتان وعشرون دولة فلا بد أن يكون عدد من يمثلهم في الجسم الإداري والسياسي والدبلوماسي كبيراً، ويتوافق مع أعداد الدول الأعضاء، إلا أن هؤلاء الذين يشغلون مراكزهم نتيجة تزكية الدول العربية لهم لا يخدمون دولهم وأمتهم؛ فتراهم عندما يتولون تمثيل المنظمة يرتدون القبعة الغربية أو نظيرتها الشرقية، ويبتعدون أكثر مما يستطيعون عن الغترة أو العمة العربية. شاهدنا هذا في سوريا من ممثلي الأمم المتحدة، وكذلك في ليبيا، ويتكرر اليوم في اليمن. فالسيد جمال بن عمر المبعوث الأممي السابق في اليمن، وهو الدبلوماسي المغربي الذي يفترض فيه أن يكون أميناً لمهمته السياسية ومخلصاً لانتمائه العربي المسلم، الذي يفرض عليه أن يكون إلى جانب الحق صادقاً مخلصاً لمهمته السياسية.. هذا الرجل المحسوب على الدبلوماسية العربية التي تعمل في منظمة الأمم المتحدة لا نريده أن يكون مثل أقرانه الدبلوماسيين الغربيين أو الشرقيين أو حتى الهنود.. نريد أن يكون وفياً لأصوله الثقافية، ولكن نريد منه أن يكون على الأقل غير منحاز لإملاءات أعداء أمته، وأن لا يتعاون معهم ضد العرب.
جمال بن عمر الذي ظل يعمل في اليمن قرابة أربعة أعوام أظهر عداء فاضحاً وغير مخفي ضد العرب، وبالتحديد ضد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي كادت مبادرته التي حملت مسمى المبادرة الخليجية أن تنجح في تجنيب اليمن ما تشهده الآن من معارك لولا عمل وتدخلات ابن عمر الذي خرب المبادرة الخليجية، وعطّل عمل الدول الخليجية محاولاً فرض ما يريده الحوثيون بقوة البندقية. فهذا الدبلوماسي المغربي الذي لا يعكس أخلاقيات ومنهج الدبلوماسية المغربية كان همه عقد اتفاق مع الحوثيين، يشرعن انقلابهم على الشرعية. فبالرغم من أن الحوثيين لم ينفذوا أياً من اتفاقياتهم مع ابن عمر؛ فبعد جلسة المباحثات الأولى للأطراف اليمنية استولى الحوثيون على صعدة، ثم أتبعوها بالسيطرة على عمران ونهب معسكرات الجيش وقتل القائد العسكري الذي كان يدافع عن المحافظة.. إلا أن جمال بن عمر استمر في التفاوض معهم، وحاول فرض ما يريدون في جلسات المباحثات، ولم ينبه مجلس الأمن الدولي ولا رئيسه بان كي مون إلى أي من تجاوزات الحوثيين.. وحتى استيلاؤهم على العاصمة صنعاء واحتجاز رئيس الجمهورية المنتخب شرعياً ورئيس الحكومة اليمنية والوزراء وفرض الإقامة الجبرية عليهم لم يرَ فيها جمال بن عمر تجاوزاً وخروجاً على الشرعية، وكان يأمل بعقد اتفاق «يشرعن» انقلاب الحوثيين. وعندما استطاع الرئيس المنتخب شرعياً الخروج من أسر الحوثيين والتوجه إلى عدن، وقام الحوثيون بقصف القصر الجمهوري في عدن، لم يحرك جمال بن عمر ساكناً؛ ما يؤكد أن الرجل متواطئ مع الحوثيين والجهات الإقليمية والدولية التي جعلتهم يرتكبون كل الجرائم التي حصلت في اليمن.
كم من أمثال جمال بن عمر يسيئون للعرب وللدول التي رشحتهم للعمل في الأمم المتحدة.. فجمال بن عمر أساء للدبلوماسية العربية والمغربية قبل ذلك.