د. خيرية السقاف
الحزام الأمني الذكي الذي ضرب حول الوطن بات أمراً حتمياً بعد أن تفشّى شر البشر، واتسعت مطامعهم...
هذا المشروع الأمني الكبير إدانة لشر إنسان، وهو أيضاً شاهد على وعي إنسان آخر..
فعلى مد التاريخ البشري بُنيت القلاع، وشيّدت المراصد، وصنعت الدروع، وضربت الأسوار، وأقيمت الجُدُر..، وسهر الجنود، وأعدت العدة، والعتاد..
ورفعت الأسوار..، ونشرت العيون.. وتحديداً في فترات الحروب..،
وفي السلم لا تنام العيون..
وزمننا هذا يحارب الإنسانُ فيه الإنسانَ..، ولا تقف حروبه عند ساحة وغى..، أو مواجهة آلة..، واقتحام مكان، بل تخطّت الحروب الحديثة غاياتها بأشكالها..، ووسائلها..، وبكل منجز يتوغل بسرعة، وينتشر في لمحة..، ويمكِّن في غفلة..
حروب العصر متطورة، متنوعة، مختلفة باختلاف غاياتها..، ووسائلها..، ومصالحها،..
من حروب العدة، والعتاد، إلى الفكر والتأثير النفسي، وغسل العقول، واستقطابها، إلى حروب التسلّل، والتوغل بنوعياته، والإفساد بشتى أنواع الاحتلال..!!
ومنجز الإنسان من التقانة التي صنعت الصاروخ، وصنعت الحاسوب، وقربت البعيد، ونطَّقت الحديد، واقتحمت فراغ الفضاء، وما فيه من الحقول الكهرومغنطيسية وغيرها، بكل النسب وأحجامها، ومساحاتها إلى النانو «عالم الذرات»، وما دونه مما في قدرة الإنسان أن يتحكم فيه، أو في محاولاته أن يدرسه، وما يتوقّع أن سيأتي بعد أدق ما في علم الحساب، والتجزئة..
هذا المنجز بقدر ما خدم البشرية، وبقدر ما أساء لها، إلا أنه شأن التفكير، والعقل، والقدرات.. بل الرغبات..، إذا ما أخضعه الإنسان لغاياته، ومنافعه، ومصالحه، وتداخلت هذه كلها أو شيء منها بأطماعه، وطموحاته، ورغباته، فإنها تتداخل بما يثير بركان الشر، ويضع الخير في زاوية المواجهة في حروب الإنسان..، هذه التي تغيّرت مع تغيّر إمكاناته.. وسطوة منجزاته..
هذا المنجز الراهن حين يُستغل في حماية الأوطان، تكون استخداماته خيرية، وغاياته نبيلة..
كل من يتفكر في شأن السياج الأمني الذي ضرب، وسيُتَمَّم ضربُه حول الوطن سواراً، سوف يدرك وعي الإنسان في تسخير منجزات الإنسان لصالح الثرى، ومن يمشي فوقه..!
ما على الأفراد إلا أن يكونوا للوطن عيوناً، ولسلامته جنوداً، وللجنود إخواناً من أجل أن يناموا قريري العين..
حرسه الله بعينه، وشده بمدِّه..، وثبَّته بقوته..، وجعله حرزاً مكيناً برعايته..، وكنفاً حاضناً لأمن البلاد، والعباد..
هذه السطور السابقة وجدتها معدة للنشر، كتبتها بعد قراءتي ومتابعتي للإنجاز الأمني في الحدود الشمالية قبل شهور قليلة بضرب سياج ذكي حولها.. لم أنشره ربما لحلول فكرة كانت ألزم، وبقي ضمن ما بقي من الحروف تتقافز في أماكنها، رغبتها في الخروج لكم..
اللحظة هذه، وعاصفة الحزم فعلاً قائمة، ونوايا الشريرين تداهم من بعيد، ما يجعلنا نتبسّم لمُدركٍ مبكر تصدت له منجزات الأمن في وزارة الأمن..
فالله الحافظ الأمين لهذا الوطن الأشم..،
والله نور السموات والأرض، نسأله تعالى أن ينير بصيرة رجال الأمن، ويعينهم فيدرأوا كيد المريدين،...
ويسوِّروا الباب، والمحراب من أول ذرة في ثرى الحدود..، لآخر حدٍّ تضاهي بالسهر فيه عيونُ الخلَص الأمناء أبناء الوطن في كل اتجاهاته.