ما الذي يعنيه هذا الإجماع الوطني وتلاحم الشعب في دعمه لـ(عاصفة الحزم)، سواء ما تم التعبير عنه بخير الكلام، أو كانت مشاركة فعلية وفاعلة في دعم المجهود الحربي ضد عصابات عبدالملك الحوثي وعبدالله صالح، انتصاراً للشرعية، ودعماً للشعب اليمني الشقيق، وحماية لليمن من أن يباع مستقبله للإيرانيين بأيدي حفنة من اليمنيين الخونة، بل وتحصيناً لحدنا الجنوبي مع اليمن من تآمر المتآمرين.
***
ينقل لي مراسلو الجزيرة في الجبهة وداخل المدن القريبة من الحدود مع اليمن شيئاً من المظاهر الجميلة التي لفتت انتباههم، وتحدثوا لي بزهو وإعجاب عنها، متمثلة بالتفاعل بين المواطنين ورجال قواتنا المسلحة بمختلف أفرعها، سواء على الجبهة أو داخل المدن، ممن يشاركون في الجهد الحربي الذي يتم الآن، أو من هم على أهبة الاستعداد ويتموْضَعُون بالقرب من الحدود، وينتظرون دورهم بإشارة من القائد الأعلى للقوات المسلحة للانتقال إلى ساحات الشرف، دفاعاً عن وحدة اليمن واستقلاله وأمنه، وحماية الحكومة الشرعية اليمنية من طمع الطامعين في إسقاطها.
***
يروي الزملاء أن المواطنين هناك ما إن يروا عسكرياً بملابس الميدان، بصرف النظر عن رتبته، أو القطاع الذي ينتمي إليه، سواء كان في موقعه على الجبهة، أو داخل المدن، أكان في مهمة عمل، أو يتسوق في أحد (مولات) المدينة، حتى يهبوا للسلام على من هو قريب منهم، وإلقاء التحية عن بعد لمن هو في مسافة بعيدة عنهم، فإشارات النصر حاضرة، والتأييد لهم لا يغيب، ومشاعر التقدير مرسومة على الوجوه، في أجواء لا كلمة فيها إلا عن (عاصفة الحزم) وعن بطلها الملك سلمان بن عبدالعزيز.
***
هذه المشاهد التي تتكرر يومياً مع هدير أصوات المقاتلات التي يقودها طيارونا البواسل، تُروى لنا بإعجاب، فتحرك مشاعرنا، وتبعث فينا جميعاً روحاً جديدة من العزم والتصميم والإصرار على أن هذا الوطن الشامخ بتاريخه وقادته وشعبه ورجال قواته المسلحة عصيٌّ على الأعداء، وأنه لن يتسامح أبداً مع من يريد أن يهز هذا الكيان، أو يفكر في أخذ اليمن ليكون الحديقة الخلفية لإيذاء المملكة، فهذه الدولة ولدت قوية، وستبقى كذلك، ومن الجهل المطبق إذا ما ساور التفكير الأعداء في إيران واقتنعوا بغير ذلك.
***
وهذا التناغم الجميل في الموقف من (عاصفة الحزم) ومن قيادتها ورجالاتها تعني -فيما تعنيه- التوافق في الرأي، والانسجام في المواقف بين القيادة والشعب، وتعني فيما تعنيه أيضاً أن المواطن يثمن ويقدر عالياً دور رجالات القوات المسلحة الذين يحرسون الوطن من الغدر، ويحمونه من المؤامرات، ليبقى كل مواطن تحفه الثقة بأنه يعيش في وطن آمن تحميه شجاعة وإقدام وبذل وعطاء هؤلاء الرجال، ولهذا تأتي التصرفات الجميلة غير الإرادية لتكشف عن تعاطف المواطن مع كل من ينتمي إلى المؤسسة العسكرية، تقديراً وعرفاناً بدوره وتضحياته في الدفاع عن الوطن والمواطن.
***
وحين يتلقى حراس الأمن، المدافعون عن الوطن، مثل هذا الدعم العاطفي وبهذا الزخم الكبير من مشاعر الحب من المواطنين، بالكلمات والقبلات المحفزة نحو مزيد من البطولات، فمن المؤكد أنه يمثِّل لهم شيئاً كبيراً، كما أن ما تنشره أو تعرضه وسائل الإعلام من مساندة لهذه الحرب، فهو بمثابة دعم لدورهم أيضاً، ومثل ذلك من ينكر على المتعاطفين مع العدو أي موقف أو وجهة نظر سلبية تصدر عنهم، فالمواطنة هي كذلك، والدفاع عن الوطن شرف لا يقتصر على المنتمي للمؤسسة العسكرية، بل إن حمايته والذود عنه مسؤولية كل مواطن بل وكل مواطنة.
***
لقد أفرحني الزملاء بما نقلوه لي من صور شاهدوها، ومن مواقف أثنوا عليها، وكان فرحي كبيراً بما عبروا عنه من تلاحم رأوه بأنفسهم وعايشوه بين العسكريين والمدنيين في وطن تتكامل قوته وتزداد مناعته بهذا الوعي الذي يسود العلاقة بين المواطنين، مدنيين وعسكريين، وقد جاءت (عاصفة الحزم) لتضعنا في أجواء مثل هذه العلاقة الحميمة، ولتترجم لنا شيئاً عن مكانة رجال القوات المسلحة في وجدان المواطنين.