د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
هذي بلادي للقداسة موطن
أكرِم بها بحواضر وفيافي
إن سالمت نورٌ وفيضٌ دافقٌ
وإذا تروم الحرب نصرٌ وافي
أبطالنا لبّوا النداء كتائباً
شهداؤنا نورٌ على الأعطافِ
تتوالى وثائق العزم في عاصفة الحزم، وتحلو في أوساط صقورنا في الجو وجنودنا على الثرى ذائقة الانتصار، وعلامات الفوز و(على الباغي تدور الدوائر).
عاش الحزم وعاصفته معولاً لتعرية الأخدود العميق الذي حفرته السنون عندما كان:
(السيفُ في الغمد لا تخشى مضاربه)، وحلّت في إهابنا عاصفة الكرامة، وأخذ أوارها يهدر في عروق المكان، وتعلقت قلوب الشعب بالسماء؛ حيث صقورنا تحفل بألوان تسر الناظرين، وكان بينهم وبين الأرض ميثاقٌ آخر عقده أبطالنا في الحدود وعليها؛ فعبَق رائحة الطين يعلن للعالم عن حالة النشوى وهي تتسلل مكامن الخوف، وحفيف اليَبَس الذي يحيطنا ولكنه لا يمتد حيث تردّهُ وتطويه حصون من الشجاعة والولاء، ويحميهِ يقينٌ يضرب بجذوره في أعماقهم {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} آل عمران 169- 170.
أبطالنا ينهبون أوقاتهم، وإن اختفت علامات الطريق وأضواؤه وشواهده وخرائطه ليصلوا إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض، ينداح أمامهم صباح الحرب ومساؤها ويستمعون إلى حوارات الحق، ويؤمنون بأهداف وطنهم تجاه من يتربصون بالإنسانية، ويدفنون الأحلام، ويزلزلون الاستقرار، ويقتاتون على موات البشر، ويشربون دماء الأبرياء.
تلقّف أبطالنا فرقعات الجبناء ممن يخاتلون الحياة ويقتنصون في الظلام لأن أرواحهم لا تستقبل الضوء ولا تؤمن بالنور إنما هم ألوفٌ في كهوف أعتم أصحابها فاعتمت وأصبح أبطالنا يناضلون في ثبات واستبسال وكأنهم قلاعٌ وحصون لابد لها أن تشمخ لتحجب ضجيج الحرب أن يوقظ الأطفال أو يستلب وجودهم البريء.
ترى الطفل من تحت الجدار منادياً
أبي لا تخف والموت يهطل وابله
ووالدهُ رُعباً يشير بكفِّهِ
وتعجز عن رد الرصاص أنامله
وقف بين أبطالنا وقنّاصة الظلام إرثُ الرمال التي تتماوج مزهوّةً بأنها في بلادٍ ولا كل البلاد، وأن لسعة الشمس دواء شافٍ من مس اولئك الشياطين الذين يضطربون بيأس حول حدودنا؛ متأبطين شرورهم، لأن بلادنا تسوسها شروطٌ وحدود، وهي بكرٌ لم تطأها ولله الحمد بوارق المستعمر، ولا بوارجه التي حطت وراء حدودنا رِدحاً من الزمن وعانت منها بعض الشعوب الأخرى؛ ومازالت بلادنا وسوف تستمر بإذن الله:
(تبيتُ في جفن الردى وهو نائمُ)
ولذلك الوطن الأشم فداءٌ، وللفداء ثمن وهو الشهادة، حينما يلتقي الفداء بصوت الحق {بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (169) سورة آل عمران.
ومن مفاخر العزم في عاصفة الحزم؛ أن الشهداء قضوا وهم على حدود الوطن، وفي مفاوزه القريبة من الطواحين التي تصنع ثِفال المعركة، وتسقي أبطالنا نمير الطاقة الذي يقيمون به متاريس الحزم، وعندما قضوا نحبهم شهداء في سبيل الله ثم حماية الوطن وكرامة الإنسان وحمايته من ذلك العدو الملفّع بالإدانة وحركته الموتورة صوب اليمن السعيد وجيرانه.
هكذا هم شهداء الوطن دفقٌ مشحون بالعاطفة ولثمٌ للأرض وما عليها، وانغراسٌ في قضايا الأمة ومصائر الشعوب المغلوبة، وجنةٌ عرضها السماوات والأرض بإذن الله.
يا بلادي:
إذا جفّ ماء القطر اسقيتُ غرسكِ
بروحي ووجهتُ الأنام لتحمدي
حفظ المولى بلادنا وتقبّل شهداءنا في جناته.