يوسف المحيميد
علينا أن ندرك أن مجتمعات العالم تختلف من حيث الاحتياجات والظروف والأمراض، فلكل مجتمع حاجاته الأساسية التي قد تعتبر حاجات ترفيهية في مجتمعات أخرى، ولكل مجتمع أيضاً أمراضه العضوية، التي تتفشى فيه تبعاً للنمط الغذائي والمعيشي فيه، فالمجتمعات الخليجية، وبالذات السعودية، تعاني من مرض السكري، الذي لا تبتعد أسباب الإصابة به أحياناً عن النمط الغذائي والسلوك اليومي لنا، لعل أبرزها عدم الحركة والرياضة اليومية التي تسبب البدانة وما يتبعها من أمراض العصر، كالسكري مثلاً، حتى وإن بدأ المجتمع مؤخراً يتنبه إلى أهمية النشاط الرياضي البدني في حياة الإنسان!
تقول فيه وزارة الصحة في خبر منشور، إن مستشفياتها تعاني نقصاً حاداً في الكوادر الطبية، وأن 76 طبيباً استشارياً في الغدد الصماء والسكري، يعالجون نحو ثلاثة ملايين مصاب بداء السكري في المستشفيات الحكومية... بمعنى أن لكل ما يقارب أربعين ألف مريض طبيباً استشارياً واحداً فقط في مستشفى حكومي! يا للهول! فعلاً الرقم يصيب بقلق كبير عن حالتنا الصحية المتردية، ولعل القلق يزداد إذا عرفنا - حسب تجمع طبي عقد في الرياض - أن السعودية تسجل زيادة سنوية في أعداد المصابين بمرض السكري بنحو 150 ألف حالة مرضية جديدة سنوياً، بنسبة نمو قدرت بنحو 0.8 في المائة للفئة العمرية بين 20 إلى 80 عاماً.
هذا الرقم يعني أننا إذا كنا نحظى بتخصص أربعة أطباء استشاريين في مجال الغدد الصماء والسكري سنوياً، للعمل في المستشفيات الحكومية، فهذا يعني أننا سنبقى نعاني طويلاً من الأزمة، والسؤال هنا.
إذا كنا نعرف جيداً، بالأرقام ومن غير الأرقام (عدد المصابين في السعودية الذين يراجعون المستشفيات الحكومية والخاصة يتراوح بين أربعة وستة ملايين مريض) أن داء السكري يتفشى في المجتمع السعودي بشكل كبير ومقلق، وسيحمل موازنة الدولة الكثير في المستقبل، لماذا لا يتم العمل على خطين، الأول توفير أكبر عدد من الكوادر السعودية التي تتخصص في مجال الغدد الصماء والسكري، لتلبية علاج هذه الحالات المرضية المتزايدة، وعلى الخط الآخر يتم العمل على الوقاية من الإصابة، ليس من خلال حملات التوعية فحسب، وإنما العمل الجماعي بين قطاعات الدولة ذات العلاقة، من أجل إشاعة رياضة المشي في الأحياء، وتخصيص أماكن وأرصفة تتوفر فيها السلامة والراحة لممارسة رياضة المشي، في جميع الأحياء دون استثناء، بل جعل هذه الأرصفة والحدائق من شروط تصميم الأحياء والمخططات السكنية، التي يلتزم بها المطورون العقاريون، مثلها مثل توفير السفلتة والإنارة والماء وغيرها.
في هذه الحالة فقط سنعود إلى نمط مجتمعنا قبل أكثر من نصف قرن، حينما كان الناس يمشون ويتحركون بشكل طبيعي، في العمل والفلاحة وغيرهما، مثل المجتمعات الأخرى، ونتخلص - بإذن الله - من الحالات المُحتملة للإصابة بهذا المرض المزمن.