علي الخزيم
أن تحب شخصاً أو جماعة أو هيئة؛ فهذا لا يعني ان تنظر اليها بعين تُحصّنها من الأخطاء وتُنَزّهها من التجاوزات غير المتعمدة، مع افتراض حسن الظن والنظر بعين الرضى، وهيئة (الحسبة) واحدة من الجهات التي يُكِنّ لها المواطن والمقيم كل تقدير وإكبار نظير جهودهم الخيرة والملموسة بقدر ما يستطيعون لحماية جوانب الاخلاق والفضيلة وحدود القيم والآداب العامة، والكل يدرك ان خطأً طارئاً أو تصرفاً فردياً لا يمكن ان يمسح كل إيجابيات الحسبة والمحتسبين، والكل كذلك ينتظر منهم تقويم من يبالغ أو يندفع بحماسه ليتعدى حدود المسئولية مما يؤثر على الصورة النقية والانطباع العام المتحقق لهذه الجهة التي تكتسب احترام الرأي العام، والمؤيدة بما تمليه الشريعة الاسلامية السمحة النادبة لفضيلة الاحتساب (بضوابطه الشرعية).
ومن قصة ام عبد العزيز (الحائلية) مع فريق الاحتساب الذي حضر اليها في (مَبْسَطها) البسيط الذي تلتقط فيه رزق (عيالها) الثمانية كونها مطلقة وليس لها مصدر رزق يكفيها هذا العناء، وحين رأى بعض أفراد الفرقة انه من باب الأحوط ان تغطي عينيها الظاهرتين من خلف الحجاب مما اثار غضبها وانفعالها كونها تسعى في سبيل الله وبين نسوة امثالها وبنفس جهادها، بعيدات ـ بعون الله ـ عن كل شبهة لا سيما في مثل هذا المكان، وكان مصدر انفعالها هو اسلوب المناصحة الاستفزازي (حسب الروايات الاعلامية) ولم اطّلع على اي توضيح من الهيئة حتى كتابة هذه الاسطر، من هذه الواقعة استشعر بأن واجبات الحسبة لا تقف عند هذه المهام مع أهميتها، ففي حدود فهمي البسيط ان للحسبة سبلاً جليلة مُتشعبة، وما حدث يكون مثالاً جيداً لممارسة الهيئة لجزء من مهامها النبيلة فيفترض وقوفهم معها في مشكلتها وهي تسعى وامثالها على رزق عيالها، وذلك ببذل الجهود الممكنة والتواصل مع جهات حكومية مختصة بهذا الشأن لتسهيل وتيسير حصول مثل هؤلاء النسوة الكادحات على دخل منتظم يحفظ كرامتهن ومعه يتفرغن لرعاية اطفالهن ويَقَرْن في بيوتهن مطمئنات عفيفات لا تلحظهن عيون الفضوليين سواء بالبرقع أو بدونه، فالوعي بالمهام الوظيفية والتعرف على حدود المسئولية والتثقيف بسلوكيات المهنة أمر ضروري يجب أن لا يغفل عنه من هم على قمة المسئولية والإدارة بهيئة الحسبة، وجانب هام لا يمكن بحال من الأحوال اهماله والتغاضي عنه، الا وهو (القدوة الحسنة) فلا يمكن أن تقوّي الهيئة المحترمة مكانتها المرموقة بين أوساط المجتمع وتحافظ على هذه العلاقة المتميزة مع الجمهور إذا ما وجد فرد أو أفراد غفلوا عن هذه القيم العظيمة والمدلولات الحاسمة في مجالات الدعوة والحسبة؛ ويمكن التذكير بقصة الفتاة الغربية المتزوجة من سعودي ونشرتها الصحف حينما اختلفا وغادرت لبلادها فتم تأمين سكن لها وضمان اجتماعي مؤقت هناك من حكومتها إلى حين انهاء مشكلتها أو عودتها لزوجها، فحري بنا ونحن ابناء الفطرة الإسلامية الإنسانية أن نكون السباقين لمثل هذه الاعمال الخيرية لا سيما ما يتعلق بالأرامل والأيتام ونحوهم.