جاسر عبد العزيز الجاسر
عرف عن السياسة السعودية الخارجية تمسكها بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية وعدم الخروج عن النهج الإسلامي في التعامل حتى مع الذي لا يمكن تصنيفهم كأصدقاء أو حلفاء.. فالمملكة تسير على نهج واحد مبني على المبادئ، ومع أن العصر الذي نعيشه يعتمد على تعظيم المصالح ويقدمها على المبادئ، إلا أن المملكة لم تتخذ هذا السلوك كمعيار للتعامل مع الدول الأخرى، إلا أن هناك فرقاً بين المصالح والمواقف التي تظهر إن «صح التعبير» معدن الدول وهذه المواقف تظهر عند الأزمات والأحداث التي تتطلب اتخاذ موقف واضح يندرج ضمن المبادئ التي ترتكز عليها الدول ويتعدى المصالح الذاتية والوقتية.
ولعل «عاصفة الحزم» مناسبة جداً لمعرفة المملكة العربية السعودية والدول المتحالفة معها في هذه المعركة التي تدافع عن الحق والشرعية التي أراد الحوثيون ومن دفعهم إلى استباحته وتجاوزه، ولهذا فقد سارعت الدول العربية الشقيقة للمشاركة في حملة إعادة الشرعية وصون الحق.. فيما أعلنت العديد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية والغربية تأييدها لحملة الدفاع عن الشرعية والحق، فيما اتخذت بعض الدول ومنها للأسف الشديد ممن تنتسب للدول العربية والإسلامية، مواقف أطلقت عليها صفة الحياد، بالرغم من المواقف العادلة والدفاع عن الأشقاء لا يمكن ممارسة الحياد فيها، إذ إن الحياد في المواقف العادلة معناه التخلي عن العدل والحياد عندما يتعرض الأشقاء للعدوان ويطلبون العون ويستغيثون بأشقائهم يعني التخلي عنهم، بل أكثر من ذلك دعم للعدوان.. والحياد في مثل هذه الحالة عمل مرفوض وبالذات من الدول العربية فهم بادعائهم الحياد يتخلون عن انتمائهم العربي ويتخلفون عن الوقوف مع أشقائهم الذي يتعرضون لعدوان من قوة أجنبية معادية للعرب.
وفي مسألة استباحة الشرعية في اليمن وتنفيذ انقلاب الحوثيين ضد القيادة اليمنية الشرعية والحكومة المنتخبتين، هي قهر وتجاوز لإرادة الشعب اليمني، وكل هذا ما اتضح للجميع من تدبير النظام الإيراني والذي يهدف من كل هذا تدمير الأمن العربي القومي، وأن خططه تتجاوز اليمن لمحاصرة دول الجزيرة العربية والخليج العربي ولهذا فإن اتخاذ موقف الحياد من هذه المسألة هو مشاركة في مؤامرة تدمير الأمن العربي القومي، أو بكل بساطة خوف وجبن من النظام الإيراني وتخلي عن الأواصر العربية، ومثل هؤلاء الذين يتخذون مثل هذه المواقف الانهزامية هم خارج القوة العربية ولا يحسب حسابهم في المواقف التي تتطلب التزاماً أخلاقياً ومبدئياً وقومياً.
وعليه فإن هذه الفئة من الدول مثلما تخلت عن الإجماع العربي يجب أيضاً أن تعامل بنفس مستوى تعاملها وأن لا تعطي ميزة أو تفاضل بل تقيم كدولة «محايدة» لا تستحق حتى الوقوف معها عندما تتعرض إلى مضايقات ممن تتخذ منهم مواقف الحياد وهي كثيرة.