جاسر عبد العزيز الجاسر
خاضت المملكة العربية السعودية الكثير من المعارك العادلة، واتخذت الأكثر من المواقف التي وقفت إلى جانب المضطهدين من شعوب ودول، وناصرت القضايا الإنسانية، -والحمد لله- خرجت منها جميعاً منتصرة بفضل ورعاية من الله أولاً، ثم نجاح القيادة السعودية ومؤسساتها في التعامل الجيد في كل تلك القضايا والمواضيع بمستوى عال من المهارة والمهنية، وهذا ما جعل المملكة تحافظ على مركز متقدم في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى العسكرية، إذ توجت عاصفة الحزم كل ذلك، فترجمت القوة العسكرية الضاربة، وأظهرت المكانة الدولية والسياسية للمملكة في المحيطين الإقليمي والدولي.
كل هذا التميز والتفوق الظاهر الذي لا يمكن التقليل منه رغم كل الحملات الإعلامية العدائية، إلا أن المتابعين لما يجري في المنطقة والدارسين لأوضاع المملكة يرون عدم موازاة بعض القطاعات حتى تصل لنجاحات القطاعات الأخرى، وبما أن القضايا العادلة تحتاج إلى من يعرف بها ويدافع عنها، فإن المختصين يرون بأن هناك تقصيراً كبيراً في مجال الإعلام الخارجي. صحيح أن الإعلام السعودي في المحيط الإقليمي جيد، وأن الصوت السعودي فضائياً وبمستوى عال من خلال محطة فضائية أو مجموعة M.B.C التي استطاعت أن تسد عجز المحطات الفضائية السعودية الرسمية، وأن الإعلام السعودي الصحفي (الورقي) يقدم عملاً جيداً سواء على المستوى الإقليمي أو المحلي، إلا أن التقصير والضعف ظاهر وواضح ولا يمكن القبول به، وهو ما تعاني منه السفارات السعودية في الخارج، إذ إن جميع السفارات في الدول العربية والأجنبية لا توجد فيها ملحقيات إعلامية، إذ يقوم بمهام العمل الإعلامي أحد الدبلوماسيين في تلك السفارات وعادة ما يكون عملاً ثانوياً مكملاً لعمله الدبلوماسي الأساسي.
لوزارة الخارجية إدارة إعلامية يديرها سفير نشط جداً، إلا أن سفيراً واحداً وإدارة لا يحققان الهدف وخاصة لدول محورية وقائدة إقليمياً على الصعيدين العربي والإسلامي، ولها حضور ونفوذ دولي يتنامى باضطراد، يتطلب وجود ملحقين أو مستشارين إعلاميين متفرغين لعملهم في سفارات المملكة، وخاصة في الدول المهمة أو الدول التي تنشط فيها جهات معادية للمملكة، وبإمكان الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية الاستعانة بكبار الصحفيين السعوديين الذين تمتلئ بهم الصحف السعودية وأغلبهم أصحاب خبرات مهنية عالية ولهم علاقات جيدة مع نظرائهم وخاصة في الدول العربية وبعضهم على وشك أن يغادر صحيفته، فلماذا لا تسارع وزارة الخارجية للتعاقد معهم وإرسالهم للسفارات السعودية في الدول العربية كبداية، فنحن بحاجة إلى مستشار إعلامي في بيروت والقاهرة والجزائر وعمان وبغداد وغيرها من العواصم العربية، وهذا الاقتراح يعرف السفير أسامة نقلي نجاعته ونجاحه بعد تجربة الأستاذ جمال خاشقجي الذي عمل مستشاراً إعلامياً في لندن وواشنطن وسجل نجاحات باهرة.