د. أحمد الفراج
في مقابلة غير بريئة، التقى الكاتب الثعلب، توماس فريدمان بالرئيس باراك أوباما، وذلك بطلب من الأخير، وتوماس فريدمان هو محمد حسنين هيكل الإعلام الأمريكي، ويتميز هذا الكائن الشوفيني بأنه يتذاكى كثيراً، ويعتقد أنه يضحك على الأمم الشرقية، والتي يحتقرها في قرارة نفسه، وهو مغرور، صنعته أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أو هو جزء من صناعتها!!، ولا يمكن أن ننسى كيف تعامل مع الإعلاميين السعوديين، أثناء زيارته للمملكة، قبل أكثر من عشر سنوات، وشخصياً ليس عندي مشكلة في أن يعتنق فريدمان المبدأ الذي يريد، ويتعاطف مع من يشاء.
هذا، ولكنني أرفض أن أكون أحد ضحاياه، فهو متزمت، ومتعصب حد الجهل في دعمه لإسرائيل، وهذا من حقه، أيضاً، ولكنه يحاول أن يغطي ذلك بإنسانية مفتعلة، ولغة مراوغة يفوح منها السم، واحتقار للشعوب غير الغربية، وبالذات الإسلامية والعربية!!.
في ذلك اللقاء، الذي أعقب الاتفاق المبدئي بين الغرب وإيران، تحدث أوباما لفريدمان كثيراً عن الاتفاق، وأهميته، وأكد على دعمه لإسرائيل، وحلفاء أمريكا في المنطقة، وقال أوباما إن الخطر الحقيقي على دول الخليج ليس من إيران، بل من داخلها، أي من شعوبها!!، وردد الأسطوانة التي سمعناها كثيراً، وهي أن على حكام الخليج أن يستمعوا لشعوبهم!!، وقد قال ذلك، في الوقت الذي لم يستمع، هو ذاته، إلى ما يقوله الشعب الأمريكي، وبالذات الجمهوريين، عن الاتفاق النووي مع إيران، وغيره من السياسات الخاطئة التي انتهجتها إدارته، ثم كيف فات عليه أن أصول الدبلوماسية تقتضي أن لا يتدخل أي سياسي في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى، وأنه من الطبيعي أن تكون هناك أصوات معارضة لأي حكومة في هذا العالم، إلا إذا كان يعتقد أن على حكومات الخليج، دون غيرها، أن تستمع إلى مطالب كل معارض، وتنفذها حرفياً؟!!، ولكن مهلاً، فلو تم ذلك لربما كان أوباما، وأمريكا هم أول المتضررين!!.
لماذا يصر أوباما، وهو الرئيس المثقف، على مجاراة الساسة، الأقل منه شأناً، في الحديث، بجهل، عن منطقة الخليج؟، وهل يعقل أن يحدثنا أوباما عن الديمقراطية، وهو كان شاهداً على نتائج الثورات العربية، التي دعمتها إدارته بكل قوة؟، وهل يخفى على أوباما أن الديمقراطية، بنموذجها الغربي جرّت الكوارث على منطقتنا خلال السنوات الأخيرة؟، وكيف يخفى عليه أن الحراك الديمقراطي دون وعي يجلب المصائب، ثم من هي الشعوب التي يريد أوباما من حكام الخليج أن يستمعوا لها جيداً: هل هم المتظاهرون الذين يطالبون حكومات الخليج بإطلاق سراح من تم سجنهم بتهم الإرهاب، أم نظراؤهم الذين يطالبون حكام الخليج بدعم تنظيم داعش، فالرئيس أوباما لم يحدد، والسؤال بصيغة أخرى: هل يعقل أن يشكرنا أوباما على جهودنا في الحرب على الإرهاب، ثم يطالبنا، الآن، بأن نستمع لمطالب ذوي من تم استيقافهم بتهم الإرهاب؟!، وهنا لا بد من القول بأن لأوباما الحق، كل الحق، أن يصر على الاتفاق النووي، فهو الإنجاز الوحيد الذي سيكون في سجله الرئاسي، وهذا إذا افترضنا نجاح الاتفاق، ولكن ليس من حقه أن يُلقي علينا دروساً في كيفية التعامل مع شعوبنا، إلا إذا كان لا يُمانع أن يستمع لمطالب الجمهوريين، والذين قال أكثر من ثلثهم مؤخراً، أي ثلاثين مليون ناخب أمريكي عداً ونقداً، بأن أوباما، أخطر على الولايات المتحدة من رئيس عصابة روسيا، فلاديمير بوتين، فهل يتكرّم أخي، باراك أوباما، وغيره من الزعامات الغربية، بإسداء نصائحهم لمن يطلبها فقط، فنحن أهل الدار هنا، ونحن أدرى بشؤوننا، أليس كذلك؟!!.