د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لعل كتابَ (منهاج السنة النبوية) لشيخ الإسلام ابن تيمية 661-728 هـ أبرزُ كتابٍ «تراثي» لخص معالمَ الخلاف العقديِّ الممتد بين السنة والشيعة ردًا على كتاب العلامة ابن المُطهَّر الحِلي 648-726 هـ (منهاج الكرامة)، كما جاء كتابُ عبدالله القصيمي1907-1996م (الصراع بين الإسلام والوثنية) ردًّا على كتاب الشيخ محسن الأمين العاملي 1865-1952 م (كشف الارتياب) أبرزَ كتابٍ «معاصرٍ» في السجال الممتد، وما تزال دوائرُ الصراعِ الفكري الشاملِ والجزئيِّ محتدمةً بين الفريقين تُذكيها قنواتُ البثِّ المرئي ووسائطُ التواصل الاجتماعي إضافةً إلى التجاذبات السياسيةِ والثقافية، وستبقى ما بقيت الأرضُ فلا داعي للقلقِ منها ولا سبيلَ لتهدئتها ولا معنى لمحاولات القفز فوقها - كما يفعل بعضُ المنظِّرين - ومحاولة حصرها بين «السلفية والشيعة» أو بين التنظيماتِ «المؤدلجة والمعسكرةِ» في الجانبين أو تعمدِ تجاهل التأريخِ الحافلِ بالخلافات العريضةِ من لدن «ابنِ سبأ» قبل أن يوجد «الوهابيون والخمينيون»- كما يُسمون -.
** لن يتخلى سنيٌّ عن سنيته أو شيعيٌّ عن شيعيته إلا بإرادته المطلقةِ، ولن تجديَ محاكمُ التفتيش التابعةُ لملالي طِهران بممارستها الإقصاءَ والقهرَ والتهجيرَ في قسرِ مؤمنٍ على غيرِ ما يشاء، مثلما لم يستطع المنهج المدرسيُّ والإعلامُ الأُحاديُّ تحويلَ مؤمنٍ عما يشاء، ولا شأن لنا بممارسات الإرهابيين سواءٌ أكانوا «مالكيين» أم «ظواهريين»؛ وهو ما يجعلُ الحوارَ بلغةِ «التفاضلِ» عقيمةً، ولعلها بمنطق»التكامل» أجدى.
** يبقى الاستفهامُ المستشرفُ عما يحمله الغدُ من نواتج التطهير المذهبيِّ الذي تمارسه أحزابُ ولاية الفقيه «الفارسيةُ والمستعربةُ» والميليشياتُ الشعبيةُ المنضوية تحت راياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وعربستان، أوَلا يخشون انتقامًا قادمًا يطالُهم وأبناءَهم وأحفادَهم حين تتغيرُ موازينُ القوى، وهي ستتغير وَفق قوانين الزمن المتبدلة، وماذا إذا تبدلت ثانيةً وثالثةً وعاشرةً؛ أفيكون مستقبلُ أجيالِنا منتهبًا لروحِ التدابرِ والتباغضِ والتقاتل والدماء؟
**في الضفة الأخرى؛ آن أن نتعامل مع إيران موقدةِ الصراعَ الطائفيَّ وَفقًا للمعطياتِ» الجيو-استراتيجية» و»الآيديولوجية» معًا كما نتعامل مع كيانِ» يهود»؛ فالصراعُ أزليٌّ، واستعادةُ عربستان كاستعادةِ فلسطين، والدفاعُ عن مصالحِ أهلِ السنة و»الشيعة العروبيين» فرضٌ علينا فلا بواكيّ لهم، وما يظهر من خلافٍ بين دولتي «فارس وصهيون» هو خلافُ نفوذٍ وتوسعٍ واحتلالٍ، والسلام بينهما متوقعٌ إذا اتفقا على حصصِ كلٍّ منهما في الأرضِ العربية وثرواتها، وفي كتاب «تريتا بارسي» عن «التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران وأميركا -2007م» ما يجلو الشك، ولا مناص من تكوين حلفٍ عربي- إسلامي قوي بين دول الخليج العربي - بما فيها اليمنُ المُحرَّر- مع باكستان وتركيا ودولتي وادي النيل وسوريا المستقلة للتصدي للمشروع الفارسي وتعزيز الهُوية العربية والسنيَّة.
** العداءُ لا يفنى.