د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** كان حوارًا جادًّا حول صدقيةِ المُتداوَلِ عبر بعض المصادر الإخباريةِ ومشروعية تناولها لأسماءٍ بوسميها الاعتباريِّ والعائليِّ والمسافة الممكنِ خوضُها في هذا الاتجاهِ الشائك، وهل الكلامُ وئامٌ أم سهام، واقعٌ أم منام ، يتسربُ في الهواءِ النقيِّ فلا يضير أم يتشربُ الأجواءَ الملوثة فيثيرُ ويستثير.
** يُحمَّلُ الوجهُ الاجتماعيُّ فوق ما يَحتمل أو فوق ما تأذنُ به إمكاناتُه اكتفاءً بما تٌضفيه عليه مكانتُه؛ فيُرادُ منه أن يكونَ أنموذجًا في مسلكِه متفقًا مع ما رُسم أو يُرسمُ له من خطوطٍ ممتدةٍ تستهلُّها افتراضاتُ المبدئيةِ والنزاهةِ والاستقامةِ ويقظةِ الضميرِ والشفافيةِ والإيثارِ وتختتمُها قيمُ الصالحين وسيماءُ المصلحين، وهيهات.
** تغرقُ المجالسُ»العينيةُ والافتراضيةُ» في تبادلِ حكاياتٍ مجتزأةٍ يتمثلُ فيها الشخوصُ بدعاوى أطلقها شخوصٌ مثلُهم فيرتكزُ الحوارُ حول «المعيَّنين» بما قيلَ فيهم أو نِيلَ منهم، وتتيه الموضوعيةُ داخلَ تفاصيلِ الذاتيةِ ،وربما التبس الأمرُ بشيءٍ من التشفي وتداخل فيه الخلطُ والخبْطُ بما يجرحُ سمعةَ المحكيَّ عنه كما يمسُّ ذممَ الحاكين.
** ليس عدلًا أن يُرفعَ البشرُ الخطَّاؤون فوق مستوى ناسِهم غير أن من العدلِ أن يُحاسَبوا كما يحاسبُ أقرانُهم؛فالنقصُ المرحومُ هو الاكتمالُ المعصوم،وهو المسافةُ الفاصلةُ بين المسؤوليةِ والمُساءلةِ والواصلُ بين ما يريده البشر وما يرتضيه ربُّ البشر.
** القيمةُ الأخلاقيةُ المغيبةُ هنا هي الارتهانُ لشهوةِ الحديث والركونُ للصوتِ الأعلى واستقاءُ المعلومةِ دون تثبتٍ وروايتُها وتناقلُها عبر الوسائطِ لتصطبغَ بلون الحقيقة الغائبةِ أو الناقصةِ ثم لا تجدُ من يوثقها أو يُكملُها ويبوءُ بالإثمِ الدينيِّ والاجتماعي من جعل لسانَه أو بنانه أو بريدَه أو هاتفَه مطيةً تَحمِلُ العاثرَ وتُحمِّلُ القادر وتُقيلُ العاثرين وتُقلق القادرين.
** نحتاجُ إلى مواثيقَ أخلاقيةٍ يتعلمُها النشءُ كي يوظفوا أذهانَهم في محاكمة القولِ والمقولِ قبل السعيِ به بين الخلق وتبنيه،وكي لا يجدَ الطائفيون والإقليميون والشعوبيون والمرضى من يُسوِّقُ لمشروعاتهم ولوْثاتهم،وفي التجربةِ الإعلاميةِ الذائعةِ عن الخبر- الذي يُسَرُّ به إلى واحدٍ فينقله إلى مجاوره وهذا إلى من يليه حتى إذا بلغ نهاية القاعة اختلف-عنوانٌ لسلبيات التناقلِ الشِّفاهي، وكذا الحكايةُ الذائعةُ عمن هجره قومُه لظنهم أنه يدمن الخمرَ ويعاقرُ النساء ومات فلم يلتفت إليه أحدٌ سوى الحاكمِ فاستفسر عن أمره ووجد أنه كان يشتري الخمر ليريقَه ويدفعُ للمومساتِ كي يستغنين عن بيع أجسادهن، وسواءٌ أصدقت القصةُ أم لم تصدق فإننا نشهد أمثلةً ظالمةً مشابهةً تسودُ واقعَنا المجتمعيَّ المحدود والأفقَ العربيِّ الممدود.
** اعتاد بعضُنا في لقاءاتهم على لجمِ من ينصرفُ إلى الأسماءِ خشيةَ الولوغ في أعراض الناس أو الوقوع في منكرِ الغيبة، وهي عادةٌ جميلة لو تبنيناها لانتهى المُرجفون ، ويومًا قال مارك توين: «تجوبُ الكذبةُ نصف العالَم حتى تلبس الحقيقةُ أحذيتَها»، ولو امتدَّ عمرُه لأيقن أنها تجوبُ العالم كلّه والحقيقةُ في سبات.
** الخُلُقُ هبة إلهية.