د. عبدالرحمن الشلاش
من حق المواطن العتب ورفع الشكوى للجهات العليا، ومن حقه السؤال عن كل ما يهمه ويعنيه، ومن حقه مناقشة المسئول لتحقيق مطالبه والإسراع في تنفيذها. من حق المواطن المريض المطالبة بالعلاج وبسرير في مستشفى يرقد عليه إلى أن يمن الله عليه بالشفاء، وبخدمات صحية مرموقة لأن صحته في نهاية الأمر خط أحمر.
من حقه مناقشة الوزير ومن حقه أن يستمع الوزير لكلامه ثم يوجه بمعالجة وضعه فورا وخاصة إذا كانت الحالة حرجة ولا تحتمل التأخير. من حق المواطن الذي أوقف وزير الصحة السابق أن يبادر الوزير لمعالجة وضعه بالتدخل الفوري وإصدار الأمر لمن يحيطون به بمباشرة الحالة ثم نقله عاجلا لأفضل مستشفى يعالج مثل هذه الحالات. لكن الوزير أخطأ في التعامل مع حالة مشهودة أمام الملأ لأنه غاب عنه أنه في زمن الإعلام المفتوح الذي ينقل الصوت والصورة خلال ثواني، وأنه في عهد الملك سلمان «ملك الحزم» يحفظه الله وهو من وضع المواطن في قمة اهتماماته، وقال في أكثر من مناسبة «ما نقدمه قليل بحق المواطن» لذلك أجتهد في اختيار من يرى فيهم الكفاءة والجدارة من الوزراء والمسئولين الآخرين لخدمة المواطنين وتقديم أفضل الخدمات لهم.
ردة فعل الوزير لم تكن بمستوى تطلعات المواطن الذي ظل لوقت طويل يناشده بنقل مريضه بأسرع وقت لكن الوزير لم يتفاعل معه بطريقة عملية بل قال له بالحرف الواحد «ما أوعدك لا يوم ولا شهر ولا شهرين أبحاول حسب النظام» رغم أن الحالة عاجلة وتستدعي تجاوز كل الإجراءات الروتينية. لكن لأن الدولة تحترم مواطنيها فقد بادرت كعادتها للتغيير الفوري، والأمر بعلاج المواطن خارج المملكة وهو ما كان بيد الوزير فعله دون انتظار.
المملكة العربية السعودية ليست دولة فحسب وإنما قارة مترامية الأطراف يسكنها حوالي الثلاثين مليون من البشر. هؤلاء جميعا يبحثون عن العلاج وتقديم أفضل الخدمات الصحية لهم، بمعنى أن تكون كل هذه الأمور قريبة المنال من أي مواطن لتكون وزارة الصحة في الواقع وليس الكلام «شمسا شارقة» على كل ربوع الوطن الغالي من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه هذا بالضبط ما يحقق طموح الدولة في العناية الفائقة بصحة المواطن كونها خطا أحمر يجب التوقف عنده وعدم تجاوزه لأنه الإنسان الذراع القوي للتنمية، والقوة الروحية والعملية لصد أي عدوان على تراب الوطن.
لأن الصحة ظلت محط اهتمام قيادات هذا الوطن منذ سنوات طويلة فقد أصبح وزير الصحة أكثر الوزراء عرضة للتغيير بحثا عن تقديم الأفضل، لكن رغم كثرة التغيير ظلت مكانك راوح والسبب في نظري أن النجاح في هذه الوزارة يتطلب من أي وزير قادم أن يبني عمله على محورين أساسيين، الأول تصور الواقع بكل تفاصيله لإحداث التغيير المطلوب لوجود عطب كبير داخل الجهاز لن تسير الأمور للأفضل باستمراره، والثاني رسم خطة مستقبلية لتحسين الخدمات شريطة تبديل الفكر وأساليب العمل. ولعل من الحلول العاجلة توفير التأمين الطبي المجاني لكل مواطن فهذا الإجراء سيخفف الضغط على مستشفيات وزارة الصحة ومراكزها.