د. عبدالرحمن الشلاش
حزمت المملكة العربية السعودية أمرها وعزمت وتوكـلت على الله و أعلنت الحرب على المعتدي الحوثي نصرة للشرعية اليمنية، وتركت خلف ظهرها الفرقعات الإعلامية والتصريحات الكلامية النارية الفارغة، والتهديد والوعيد وإشعال الأجواء وتسخين الهواء، ومشاكسات وملاسنات الفارغين لأنها أدركت عبر فترات زمنية أنها أساليب عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة في هذا العصر المختلف بأدواته وأساليبه ومقاييسه، وأن الفعل على الأرض أبلغ من ترديد كلام إنشائي لا يسمن ولا يغني من جوع.
أتخذ القائد الملهم والمحنك والفذ الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله قراره بإطلاق عاصفة الحزم في أجواء بعيدة عن الترقب والانتظار وغير مشحونة بالتوتر والقلق والتصعيد الإعلامي. كل الأمور تمت بسرية بدء من المفاوضات والاستعداد لبدء العاصفة ثم بدء ساعة الصفر وتوجيه الضربات وهو أسلوب تكتيكي لم نعهده من قبل فقد تعودنا على عمليات التصعيد والتأجيج وقرع طبول الحرب بقوة يسمعها البعيد قبل القريب. أذكر من هذا ما كان أيام حرب الخليج الأولى أثناء الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة فقد قرعت طبول الحرب قبل أسابيع من الضربات الجوية، وأنشغل الناس في الداخل بالحرب بصورة غير مسبوقة ومن ذلك شراء الكمامات، وتخزين الأطعمة، والسفر لمناطق أكثر أمنا داخل السعودية، وكنت لا تدخل مجلسا إلا وتجد أن الحديث عن الحرب لا يعلو عليه أي حديث. ربما لأن الزمن تغير والظروف أيضا تغيرت وهناك أيضا اختلافات جوهرية في حجم القوات وفي قضية احتلال بلد عربي لبلد عربي آخر لكن لا ننسى أيضا دور الدبلوماسية السعودية بقيادة الملك سلمان في إحاطة الأمر بالسرية ومباغتة العدو لينقل الأعلام للحديث مباشرة عن نتائج الفعل وليس الحديث عن التهيؤ للقيام بالفعل. من النادر أن تجد بلدا يعيش في حالة سلم وحالة حرب في وقت واحد. هذه الحالة الاستثنائية الفريدة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود أمن داخلي قوي وقوات جوية وبرية ضاربة تقوم بأداء المهام بكفاءة عالية.
هذا النموذج تحقق في حالة عاصفة الحزم المباركة ففي الوقت الذي تدك فيه قواتنا الجوية الباسلة معاقل المتمردين الحوثيين ومعسكراتهم وصواريخهم ومخازن الذخيرة بطلعات يومية مستمرة، وتقف قواتنا البرية الشجاعة على الحدود ببسالة وقوة نجد أن الحياة داخل المملكة تسير طبيعة جدا دون أن يطرأ عليها تغيير يؤثر على مساراتها. تمارس الأعمال في المؤسسات الحكومية والخاصة مثل أي أيام أخرى في العام، والدراسة مستمرة في الجامعات والمدارس، والأمن في الداخل في صورة مثالية ولله الحمد فلا خوف على هذه البلاد بعد توفيق الله بوجود رجال نذروا أنفسهم للسهر على راحة وأمن وسلامة المواطنين والمقيمين، وتوفير المناخ الطبيعي حتى في ظروف الحرب لإعادة الشرعية في اليمن الشقيق.
تفرغت السعودية للفعل في الميدان لتأمين سلامتها وسلامة جيرانها وتركت الكلام الفاضي والعويل ل « هواتف العمالة « الذين يتحدثون ويطبلون لمن يدفع أكثر. لديهم استعداد فطري لقلب الحقائق والصراخ بأعلى صوت في وقت اتجهت فيه قواتنا الباسلة لتحقيق أهدافها بهدوء دون قرع شديد لطبول الحرب.